هناك نوع من الكذب يطلق عليه الكذب الاضطراري وهو يحدث عند الحاجة الملحة، سواء لحماية نفس من أذى، أو التهرب من المسئولية، أو غير ذلك، وفي بعض الأحيان يضطر أحد الزوجين للكذب على شريك حياته، حفاظاً على مشاعره وعدم إثارة نار الغيرة لديه مثلاً أو تجنباً للمشاكل والخلافات التي لا داع لها بشكل عام. فمن أخطر المشكلات التي تواجه الأسرة خاصة في بدايتها، فقدان الثقة بين الزوجين، والتي مردها في الدرجة الأولى إلى الكذب من أحد الزوجين تحت مسمى "كذب أبيض"، وهذا في الحقيقة له تأثير كبير على الحياة الزوجية، لأن الكذب مهما كان صغيراً فإنه يبقى كذبا يؤدي إلى إثارة الشك والقلق بين الزوجين، مع كونه خُلقاً سيئاً وعادة خبيثة ممقوتة عند الله والناس، ومع تكراره يؤدي إلى فقدان الثقة في الشخص الكذاب حتى وإن كان ما يقوله صدقا. ويرى أندرياس ميلفتسيك، خبير العلاقات الزوجية –ألمانيا، أن الكذب يُعد من المحظورات في العلاقات الزوجية، حتى وإن كان اضطرارياً ويهدف إلى عدم جرح مشاعر شريك الحياة، إذا ما عرف الحقيقة المؤلمة. ويعلل ميلفتسيك رأيه بأن الكذب لا يزعزع الثقة المتبادلة بين الطرفين فحسب؛ بل يمكن أيضاً أن يأخذ الحياة الزوجية إلى منزلق خطير؛ لذا يشدّد على ضرورة أن يتحلى الأزواج بالصدق وأن يحرصوا على قول الحقيقة دائماً. ويعترف ميلفتسيك بصعوبة هذا الأمر؛ لاسيما إذا كان شريك الحياة غيوراً جداً، موضحا أنه من الصعب أن يقول الرجل لزوجته مثلاً إنه تجاذب أطراف الحديث مع زميلته الحسناء خلال استراحة الغداء، إذا كان على يقين بأن زوجته الغيورة ستكيل له الاتهامات كرد فعل لمعرفتها بالحقيقة. ويؤكد الخبير الألماني أن إخفاء الحقيقة عن شريك الحياة لا يقل صعوبة عن مصارحته بها، موضحاً أن مَن يعمد إلى إخفاء الحقائق عن شريك حياته، يقع تحت ضغط عصبي رهيب؛ حيث يتعين عليه أن يكون يقظاً دائماً ويحفظ تفاصيل كذبته عن ظهر قلب، كي لا يفتضح أمره وينكشف سره، وبالطبع سيشعر الطرف الآخر بهذا التوتر الرهيب عاجلاً أم آجلاً، وستلعب الظنون برأسه. ويوضح أن مناقشة مشاكل شريك الحياة بصراحة ووضوح تُعد التصرف الأمثل في هذه المواقف، مشيراً إلى أنه من المفيد أن يُبين الزوج لزوجته أن غيرتها من زميلاته في العمل غير مبررة، كما يستحسن أن يجيب الزوج على أسئلة زوجته بصراحة ليبدد كل شكوكها، ومن خلال هذه المناقشات التي تتسم بالصدق والشفافية يستطيع الزوجان الحفاظ على مساحة الثقة بينهما.