حدثني أحد الأصدقاء عن ضيقه من سيطرة السياسة على حياته الأدبية، فهو إنما يعمل في المجالين سواسية ولكنه يفضل الأدب على السياسة، يقول صديقي "كلما حاولت الخروج من خندق السياسة، أجدني غارقاً فيها بشدة، ولعي بالأدب لا حدود له، ولكن الكتابة لا تقبل الشركاء أبداً". ويفضل آخرالعمل في مهنة تعيسة بمكتب لا يعرفه أحد في إحدى الوزارات، على الظفر بفرصته الإعلامية الكبيرة وذلك إيماناً منه بأن الإعلام سيسرقه من أجواء الكتابة الهادئة التي يمتلكها في مهنته الحالية. وأجدني منحازة إليهم لاشعورياً في رأيهم حول أن الكتابة هاجس لا يقبل القسمة على اثنين، فعندما تتمكن من قلب أحدهم وروحه فإنها لا تسمح لشيء سواها أن يتحكم فيه أو يسيره. ومن واقع تجربة شخصية، لاحظت بأن انشغالي بعملي الاعلامي يحرمني بشدة من تواصلي مع الكتابة التي أحب، فكم من نص أدبي توقف دون أن أعود إليه منذ أشهر! وكم من فكرة قد ضاعت من بين ثنايا مشاعري بسبب الانشغال! حقاً إن الكتابة هاجس لا يقبل المناصفة أبداً. فأنا شخصياً من مؤيدي حكومتنا البحرينية الحبيبة في تفريغ المبدعين للعمل الإبداعي، ولكن!.. كم تمنيت بأن تمنح الحكومة التفرغ للمبدعين الشباب ممن يشرفون على خلق عمل إبداعي جديد، بدلاً من تفريغ المبدعين الكبار الذين رسموا لأنفسهم تجربة واضحة المعالم. فإنما الشباب أحق وأولى بالحصول على فرصتهم في الكتابة، وفي استكشاف دواخلهم وترجمتها على أرض الواقع. ولكن ستبقى هناك أسئلة مفتوحة حول المعايير التي تقيم فيها التجارب الإبداعية ومنحها حق التفرغ للكتابة. عموماً يطول الحديث ويبقى السؤال : هل حقاً الكتابة هاجس لايقبل القسمة على اثنين؟ - كاتبة وشاعرة بحرينية