هل تذكر أول مشاعر خوف وقلق وترقب لامست قلبك .. تلك التي سبقت أولى تجاربك في الحياة الحقيقية، كأول يوم بالروضة .. أو المدرسة الابتدائية .. فالإعدادية .. ثم تجربة البلوغ ومايصاحبها .. فأول تسجيل بالجامعة .. ثم أول يوم دوام .. الخ وبقية تلك القائمة التي تقبل عليها وقلبك يكاد يخترق جدار صدرك من شدة الفزع أو القلق والخوف من الفشل فأنت لا تملك في بعض تلك التجارب أي مهارات فارقة تدفعك للمضي والثقة بنجاحك وتجاوز عنق الزجاجة فيها، ولكنك تفعلها و تنجح وتكتسب منها مهارات جديدة. فإن كنت قد تخطيت الكثير من مثل هذه التجارب وتجاوزت أهم عقباتها أو جلها وأثبتّ جدارتك فيها فما الذي يجعل تجاوزك أو تخلصك من عادة من عاداتك السلبية كعادتك في الأكل أو الاختلاط أو أي من تلك العادات التي أدمنتها وأثرت على مجرى حياتك تأثيراً سلبياً، أصعب من دخولك تجربة جديدة تماماً،في حين أن كلا التجربتين تحتاج للتخلص من عادات قديمة وإحلال جديدة مكانها وكلاهما تستدعي مخزوناً من الخبرات القديمة لاكتساب مهارات جديدة، بل ويمكننا أن نعد اتخاذ قرار جاد بخصوص هذه الأخيرة إنجازاً حقيقياً يضاف لإنجازاتك الشخصية الأخرى بل ويثريها ويترك عليها أثراً إيجابياً. عندما كنا صغاراً نتشبث بعباءة أمنا أو بيد أبينا وهما يدفعان الواحد منا للعب مع الأطفال في ساحة اللعب في الروضة أو المدرسة كنا نعتقد أن لحظة افتراقنا عنهما تعني الضياع والخوف والألم ، ولكننا اكتشفنا وفي أول تجربة انفصال عن عالم لوالدين متع جديدة وعالم أوسع وأرحب جعلتنا نرى عودتنا لعالمنا السابق ضربا من الجنون . نعم لا شك أننا اختبرنا في انفصالنا ذاك آلام ومخاوف ولكنها كانت جزءاً من تجربة النضج والاكتشاف الجديدة ، ضريبة لابد منها وهي لا تمثل سوى جزءاً صغيراً من هذا العالم الواسع الممتد المليء بأشياء وخبرات وتجارب تنتظر مرورنا عليها والتي لم يكن يعيق دخولنا فيها سوى خوفنا الطفولي خوفنا من الانفصال. وكذلك هو خوفنا من الانفصال عن عاداتنا القديمة لا شيء يفسر مخاوفنا التي نسجناها حوله سوى هذا الجزء الصغير المتبقي من أيام طفولتنا الأولى. أنت فقط بحاجة لإيقاظ واستنفار كافة خبراتك وقواك الداخلية التي بنتها تجاربك الحياتية اليومية وجعلتك ما أنت عليه الآن موظفاً محترماً أو زوجاً ورب أسرة رائعاً ، أو أما وزوجة وسيدة مجتمع نشطة .. الخ .. وحين تنظر إلى الخلف ستكتشف كم العقبات والآلام والمخاوف التي تخطيتها وحدك في تلك التجارب التي دخلتها بدعم من بداهاتها وحتميتها ، وبدعم مجتمعي لاشك، لكنها تكشف لك كم أنت شجاع وتملك من مقومات القوة والجدارة مايجعلك قادرا على تخطي أي تجربة جديدة فكيف بتجاوز عادة قديمة !!