هيئة مكافحة الفساد لم تنجح بالشكل المأمول وبما كان يتطلع له المواطن فلم تقدم - بحسب متابعاتي - أية جهة أو فرد على أنه مرتشي قام "بلهط" ملايين الريالات في جيبه الخاص من ثمن مشروع ما، من مشاريعنا الكثيرة سواء الضخمة او غير الضخمة. أظن أن الهيئة بكوادرها الحالية لن تنجح مع كل الاحترام والتقدير لهم لأسباب من أهمها ضعف التأهيل، ثم الأسلوب الذي تمارس به عملها.فموظفو الهيئة يأتون لمراجعة وتدقيق أي مشروع بلباس مدني وصفة رسمية ويدخلون من الباب الأمامي وهذا أسلوب لا يصلح لكشف الفساد، واقتناص ورصد المفسدين أو المرتشين. كنت أتمنى لو أوكل الأمر إلى البحث الجنائي، أو إلى جهة عسكرية أخرى فأولئك لديهم مهارات عالية جداً في الوصول إلى الحقيقة بفضل خبراتهم الطويلة ومهاراتهم المتعددة وأساليبهم الخاصة، ويمكن لهم بواسطة كل ذلك وضع أيديهم بسهولة على الخلل في أي مكان، ولدي أية جهة يوكل لهم الأمر بالتحقق منها. ولا بأس - كنوع من التحفيز - أن يعطي كل فرد أومجموعة تقوم باكتشاف رشوة أو فساد نسبة مئوية من ثمن الرشوة، وسيكون لهذا الأمر - في ظني - مفعول السحر ، إضافة الى استشعار أولئك لدورهم الوطني في حماية المال العام من النهب والسرقة والارتشاء. لقد عانى الوطن من ناهبي المال العام ومن المرتشين، صغر أولئك أم كبروا، وكان المبلغ "الرشوة" صغيراً أم كبيراً، ولقد أعلن ولي الأمر،حفظه الله،الحرب على الفساد من خلال قراره التاريخي الحكيم بإنشاء هيئة مكافحة الفساد، في دلالة واضحة على توجه الدولة - بقوة - إلى ضرب كل مفاصل الفساد في البلاد، وتنظيف كل الأجهزة الرسمية منها، ومن أولئك الناس - الكريهين - عشاق الرشوة ، والذين اثروا ، وتزايدت مداخيلهم، وانتفخت بطونهم بالمال العام الحرام من عدة طرق، وبعدة أساليب وحيل،كفانا الله شرهم. أعتقد ان الحل في أحد أمرين، إما زيادة تأهيل الكوادر البشرية العاملة حالياً في هيئة مكافحة الفساد، تأهيلاً يحاكي ما عليه رجال البحث الجنائي، أو الاستعانة بالجهات الأمنية المختصة في هذا الشأن للوصول إلى زوايا الفساد وأركانه، واقتناصهم واحداً بعد الآخر، فان ذلك مما يزيد من هيبة الهيئة، وبالتالي هيبة الدولة وايصال رسالة واضحة قوية للمجتمع بأنه لا مكان بيننا للرشوة ولا للمرتشين ولا للفساد والمفسدين.كثيرون في الواقع يتحدثون عن هذه الناحية في مجالسهم بكثير من الاهتمام والمداولات التي لا تقف عند حد، وليس مشكلة أن تتواجد عندنا مثل هذه القضية - قضية الرشوة - لكن المشكلة - في حقيقة الأمر - أن تظل هذه القضية قائمة ومزدهرة ومستمرة، وهناك من يروي روايات مذهلة، مستشهداً بالثراء المفاجئ لهذا أو ذاك من ضعاف النفوس من الناس، لأنه وجد الطريق سالكاً لممارسة سلوكه الحقير هذا. الأمر حقيقة يحتاج الى جهود أكبر وأعظم من حيث كمية ونوعية الجهد من قبل الجهات الرسمية والمسؤولة عن مكافحة الفساد، ونريد حقيقة أن نضيق الخناق على المرتشين والفاسدين إلى اقصى قدر ممكن إن لم يكن اجتثاث المسألة من جذورها .. إنها قضية وطن وأمة وحياة. ما قلته آنفاً هو رأيي الخاص حول عمل الهيئة .. لكن انظر لهذا العنوان الذي خرجت به صحيفة الحياة في صفحتها الأولى ليوم الأربعاء 12ذو القعدة 1434ه .. يقول العنوان " (أعضاء "شورى" يصفون "نزاهة" ب "الضعيفة" و"البطيئة" .. و "المترددة").