يؤكد كثير من التربويين انه ليس هناك في الحقيقة تعريف متفق عليه لمعنى التربية ، وذلك لاختلاف الفلسفات والأديان والمذاهب والأيدلوجيات ، وكذلك لاختلاف ميادين الدراسات النفسية والاجتماعية والحضارية في نظرتها للفرد والمجتمع . ويختلف معنى التربية ومفهومها من مجتمع لأخر ، ومن ثقافة لأخرى ، بل من فرد لأخر ، وعلى الرغم من الاختلافات في المعنى والتعريف لمفهوم التربية قديماً وحديثاً إلا أنها جميعها تنطوي على أبعاد مشتركة بصورة كلية او جزئية . إذا رجعنا الى المعنى اللغوي لكلمة "التربية" نجدها مشتقة من كلمة "ربى" وتعني العناية بالشى أو إصلاحه ، فإذا قلنا : ربى فلان ولده فمعنى ذلك انه نشأة تنشئة حسنة ، وفق عادات وقيم المجتمع الذي نعيش فيه . وقد تكون مشتقه من الفعل الماضي "ربا" ومضارعه "يربو" بمعنى نما وزاد . قال الله سبحانه وتعالى ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) البقرة 276 . واجد أن هذا المعنى اللغوي العربي هو اقرب المعاني إلى ما تقصده كلمة التربية ، أي رب الشيء : أي عني به وأصلحه ، ورب الأب ولده ، أي رعاه وعني به وأحسن القيام عليه . وبهذا فإن معاني التربية هي : الزيادة والنمو والنشوء والترعرع والرعاية . أما معنى التربية من الناحية الاصطلاحية فيختلف من فلسفة لأخرى ومن فرد لأخر . وكان الفلاسفة والمفكرون العرب هم خير من عرف التربية بمعناها الشامل . حيث عرف حجة الإسلام الإمام الغزالي التربية بأنها : "صناعة من اشرف الصناعات التي تهدف الى الكمال الانساني" وهو بهذا المعنى أعطاها صفتين : صفة اللغوية ، السمو والارتقاء ، والصفة الدينية النابعة من فلسفته العربية الاسلامية ، وهي التقرب الى الله سبحانه وتعالى . ويضيف الى ذلك الغزالي بأن صناعة التعليم أشرف الصناعات ، ويستشهد على ذلك بتعظيم الرسول (ص) للمعلمين بقوله ( انما بعثت معلماً ) . وهو يرى أن الانسان هو أشرف مخلوق على الارض ، وأن أن أشرف ما في الانسان قلبه ، وأن المعلم مشتغل بتطهير القلب وتقريبه من الله سبحانه وتعالى . بينما يعرف الفيلسوف العربي أبن سينا بأنها : "الإعداد للحياة للآخرة ، والحياة الدنيا" كما أكد العلامة والفيلسوف العربي أبن خلدون على ما جاء به أبن سينا في تعريفه للتربية وآرائه بها . حيث عرف أبن خلدون التربية بأنها : " أمر طبيعي في البشر ، وأن العناية بالتربية دليل على الرقي والتقدم والعمران ، وهذا ما أثبته العصر الراهن . حيث أصبح العالم يقاس على درجة تقدمه لاعلى حجم سكانه وكثرة موارده الطبيعية وقوته العسكريه . وقد عرفت التربية من قبل الفلاسفة القدماء ، ومن وجهة نظرهم الفلسفية ، ولهذا نجد أفلاطون في تعريفه للتربية انطلق من منظوره الفلسفي المثالي بأن التربية "هي عملية إعداد العقل السليم" وبهذا تكون غاية لذاتها ، وانما هي غاية بالنسبة الكبرى ، وهي نجاح المجتمع وسعادته أما الفيلسوف اليوناني الشهير المثالي أرسطو طاليس فيرى أن التربية "إعداد العقل لكسب العلم ، كما تعد الارض للنبات والزرع " . بينما نجد تعريف التربية آخذا مساراً آخر في الوقت الحاضر نتيجة ظهور الدراسات الحديثة ، واتساع العلوم ، وتعدد المؤسسات التربوية التي عملت على تطور المجتمعات ، ومن كونها التربية إنعكاساً لفلسفة المجتمع .