إن المحسنين والتوابين والمتطهرين والمطهرين والمتقين هم من أحباب الله، وكذلك نقول أن الصابرين والمتوكلين هم أيضاً من أحباب الله الذين سماهم بنفسه. والصبر يكون على أشده عند مقارعة الأعداء، ومهما أصابهم في سبيل الله وإعلاء كلمته لإحقاق الحق والعدل يجب أن لا يضعفوا في الأمر والعمل والبدن، وأن لا تقف حركتهم، ولا يسكتوا ليكونوا من الصابرين الذين يحبهم الله، وعلى العكس عليهم بالدعاء وطلب المغفرة من الله الغفور، لأنهم بشر يحملون ذنوباً، وكانوا سابقاً من المسرفين في أمورهم، وعليهم أن يطلبوا من الله أن يثبت أقدامهم، وينصرهم على القوم الكافرين كما قال تعالى: "وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ146/3وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" آل عمران: 146-147 كما يحب الله الذين يتوكلون عليه في كل شيء، بعد أن يفكروا في عقولهم، ويشاوروا في أمرهم ذوي الخبرة وأولي النهى والحكمة، فإذا جد الأمر يتوكلون على الله، وبدأ الله بالنبي نفسه، ثم شمل المؤمنين جميعاً في هذا التوكل، لأن النصر هو بيد الله، فإذا نصرنا فلا غالب لنا، وإذا خذلنا لا ناصر لنا من بعده، كما قال تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ159/3إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ" آل عمران: 159-160 فهل نصبر ونفكر ونتشاور لنتوكل على الله، وننشد النصر، فنكون أحباب الله؟ والله أعلم.