الرحم عضو من الأعضاء الأنثوية التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، لأهميته المادية والمعنوية في خلق الإنسان وعلاقاته الإنسانية مستقبلاً، ففيه تم خلق هذا الإنسان، حيث صوره الله، ثم نفخ فيه الروح ليحيا، فهو المستقر والمستودع الأول له، ويقضي به مدة معلومة قدرها الله تعالى تنقص أو تزداد بقدر وحد لا يتجاوزه منذ الأزل إلى الآن، ولا يعلم ما به إلا الله، ولا تضع الأنثى إلا بعلمه، فهو لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وبين الله تعالى أن الخلق يتم في بطن الأم على مراحل خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث، وكانوا سابقاً يقولون أن البطن والرحم والغشاء المحيط بالجنين هي الظلمات الثلاث التي بينها الله في القرآن، لأنه لا ينفذ منها النور، وحالياً بين العلماء أن الغشاء المحيط بالجنين هو نفسه يتألف من ثلاثة أغشية، وسموها الساقط والكوريون والأمنيوسي على التوالي من الخارج للداخل، ويعتبرها بعضهم حالياً من معجزات القرآن العلمية والظلمات الثلاث التي لم يكن يعرفها أحد من العلماء في القرن السابع الميلادي زمن نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يبدأ استعمال المجهر إلا بعد عشرة قرون من ذلك، أي في القرن السابع عشر الميلادي والله أعلم. خلق الله الإنسان في كبد، أي مشقة ونصب، فحمتله أمه كرهاً ووضعته كرهاً، ولا تنسى كل والدة كم تكابد من العذاب في الحمل والولادة، فكذيف يحسب هذا الإنسان أنه لن يقدر عليه أحد؟! وأول ما طلب الله من هذا الإنسان بر والديه، وذكر عذاب الأم، ثم طلب منه صلة الرحم وتولي أولي الأرحام بعضهم لبعض، وخص المؤمنين والمهاجرين ليتم التقارب بين البشر، والمودة والقرب في الله . حذر الله المطلقة أن تكتم ما خلق الله في رحمها، للحفاظ على النسب وفوائد صلة الرحم، والله يعلم كثيراً من الأمور ولا نعلمها نحن. كما حذر الله الذين يتولون في الأرض من الفساد، ومن تقطيع الأرحام، أي التفرقة بين الأقارب، واعتبر من يفعل ذلك ملعون من الله، وأصم وأعمى في الدنيا والآخرة. وأخيراً كل إنسان مسؤول عن عمله أمام رب العالمين، حيث يجب أن نبغي بأعمالنا جميعاً وجه الله، ولن تنفعنا أرحامنا ولا أولادنا يوم القيامة إن ابتعدنا عن الصراط المستقيم الذي علمنا بوجوده، وانحرفنا عنه بإرادتنا، ولن يشفع لنا إلا عملنا.