تشعر بالألم، ويحتلك الندم، عندما تشاهد شباباً في مجتمعاتنا العربية في عمر الورود، يتجاوزون الحدود، ويمارسون دور النمرود، ويعرفون أن اليوم الدراسي قد بدأ، لكنهم لا يعبؤون ولا يهتمون ويقفون خلف الأسوار، يتضاحكون، ويتصرفون بسلوكيات لا تمت بصلة إلى الطالب الذي جاء لينهل من العلم، تشعر بالأسى وتستولي عليك حالة من الغثيان لتصرفات مشينة ومسيئة للأخلاق ولطالب العلم، ولهذا الوطن الذي وفر كل ما يحتاجه الإنسان من أدوات الاستيعاب، ومادة الصحة الذهنية والبدنية.المشرفون على الطلاب في المدارس يلاحقون الكائنات الشاردة من مكان إلى آخر، ويسوقون عليهم الأيمان الغليظة بألا يفرطوا باليوم الدراسي، ويدعون ويترجون ويتمنون، لكن لا جدوى، لأن الشباب قد أخذوا قرارهم، وحزموا أمرهم، والتزموا بالفوضى كطريق لكسب الراحة النفسية والخلاص من تعب الرأس، ومن الشروحات المدرسية، والتي يعتبرونها مضيعة للوقت. أمر مستفز، ومثير للفزع، عندما يسخر الطلاب من المعلم، أو المشرف على ترسيخ النظام المدرسي، وحالة مؤسفة عندما تشاهد مثل هذه المناظر التي لا تليق أبداً بمن أنيطت بهم مسؤوليات المستقبل، ومتطلباته، ولكن مهما فعلت المدرسة، ومهما وضعت من قوانين وضوابط، فإنها لن تفلح في شيء إذا لم يأتِ مؤزراً، بأخلاق تربوية غرستها الأسرة، وكرست ثوابتها، بحيث يدخل الطالب المدرسة وهو مشبع بأحلام الغد الزاهية، وبمفاهيم، أخلاقية تجعله يعرف دخوله الفصل المدرسي ومعنى وقوفه أمام المدرس، ومعنى إخلاء الذهن إلا من المادة التي يشرحها مدرس الفصل. نقول «اليد الواحدة لا تصفق»، والاعتماد على المدرسة في تشكيل أخلاق الطالب، فكرة فاشلة، فلا بد من التعاون لإنقاذ شبابنا من هوة الفشل الأخلاقي، وحمايتهم من التعثر بعقبات المثيرات والمغريات التي لا يمكن تحطيم أسنانها الحادة، إلا بالوقوف جنباً إلى جنب الأسرة والمدرسة، وكل من له علاقة بالتنشئة الاجتماعية.شبابنا أمانة في أعناقنا، وإهمالهم هدر لمكتسبات وطن، وضياع لمنجزاته، وبعثرة لآماله المستقبلية. بعض أولياء الأمور يهملون الصغار، ويدعونهم بين أيد غريبة، ويطلقون الكبار في فراغات مدلهمة، وغاشمة ومعتمة لا يعلم إلا الله مصيرهم وهم يغطون في ظلمتها الدامسة، شبابنا رصيدنا، وضياع الرصيد، إفلاس، وانغماس في لوعة الحرمان من الصلاح والفلاح.