الإنسان بيده يصنع النجاح، المهم أنه كيف يدرب أفكاره على الإبداع والتخيل ويخطط لحياة مستقبلية أكثر استقراراً ؟. إذا كان الإنسان ضعيف التخيل لا يستطيع أن ينتج شيئاً يتجاوز الواقع، لأن العقل يظل مشدوداً لهذا الواقع، يرصد الأشياء كما هي، ولا يستطيع أن يحول الفكرة إلى شيء جديد. بالطبع إن الناس مختلفون في درجات التخيل، والمهتمون بالدراسات الاستراتيجية لابد أن تكون لديهم قوة التخيل على المدى البعيد من خلال سيناريوهات يصنعونها في أذهانهم، وهذا ما يسمى بالنشاط التخيلي والتفكير الإبداعي دائماً نجده عند الأطفال، أما الإنسان البالغ يفكر تفكيراً عقلانياً وليس إبداعياً. التفكير الإبداعي أن نبعد القيود عن العقل كي ينطلق بلا حدود، ويصنع له عالماً من الخيال، ويفكر أن يصنع عالماً لنفسه، وكأنه يملك كل شيء، وأن يكسر الحواجز الموجودة، ولا يكن مثل الجمل المربوط بحبل ليدور في دائرة لا تتعدى الأمتار.. ويصبح العالم عنده لا يتجاوز الحدود من الأمتار.. وهذا يحدث في البيت والمدرسة بالنسبة إلى الأبناء، العلماء في الدول المتقدمة يهتمون بأدب الخيال، ويعتبرونه مصدراً للأفكار، مثل قصة الصعود إلى القمر، فقد جاءت من أحد الأدباء، وعندما قرأها العلماء، قالوا: لماذا لا تتحول إلى واقع وبدأوا يفكرون في تحويلها إلى واقع، كما أن فكرة اختراع طائرة الهليكوبتر جاءت من أحد الرسامين، فقد رسم غرفة وعليها مروحة من أعلى، وتخيل أن المروحة عندما تدور ترفع الحجرة لتطير في الهواء، وعرضت ضمن رسومه في معرض تشكيلي فتصادف وجود طفل يزور المعرض مع والدته، فرأى الصورة وأعجبته وتوقف عندها كثيراً يتأملها، وأصبح هذا الطفل فيما بعد مخترع طائرة "الهليكوبتر". من هنا نقول إنه لا ينبغي أن نجبر الطفل على فعل شيء لا يرغبه، وعلينا أن ننمي لديه الحس الإبداعي ونراقبه أثناء اللعب، وألا نستهين بأي شيء يقوم به، فإذا رأيناه يراقب ذبابة فلا نستغرب، هذه هواية في تأمل الأشياء الصغيرة، وهذا مفتاح لشخصيته بالنسبة إلينا، لكي نعرف أنه طفل يحب التأمل ويراقب الأشياء الحيوية الصغيرة، ويمكن أن يصبح عالماً، وإذا وجدنا طفلاً يكسر الألعاب بسرعة فعلينا ألا ننهره، لأن له عالمه الخاص، وهذا معناه أن لديه عقلية خاصة، حيث تظل في ذهنه علامة استفهام حول طريقة عمل الأشياء، وهذا سؤال ملح على الطفل. لذا فإن الطريقة المثلى لتربية الأطفال إبداعياً أن نحترم اتجاهاتهم، لأن عقولهم لا تزال في طور النمو وإذا تسلطنا على الطفل وفرضنا عليه قانوناً فإننا نغيبه ونقيد عقله ونقلص فكره، وإذا واصلنا معه القمع الفكري فإن عقله الباطن لا يستجيب لهذا القمع، ويتوقف، ويبني جداراً وهمياً لا يستطيع أن يتجاوزه. للأسف هناك حواجز وهمية لدى الإنسان يتربى عليها في المدرسة والجامعة لابد من إلغائها . أقترح بعمل مؤسسة لصنع جيل من الموهوبين، تحاول استقطاب أصحاب الاختراعات من الصغار الموجودين في المدارس، ويسجلون لهم براءات الاختراع لكي يمنحوهم قوة دفع، وهذا غير كاف أيضاً بل لابد من وجود أساتذة يعرفون كيف يتعاملون مع الفئة العمرية الصغيرة، فإذا أردنا جيلاً مبدعاً ينبغي أن نبدأ منذ الولادة.