للمرة الأولى تتجرأ دولة عربية واسلامية على اعلان موقف قوي وشجاع تجاه مجلس الأمن الدولي. حيث أكدت المملكة من خلال كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي القاها سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمام القمة الإسلامية التي عقدت في القاهرة نهاية الأسبوع الماضي. أكدت على انه إذا لم يتم جعل مجلس الأمن يتخذ موقفاً تجاه الوضع في سوريا فإن علينا كأمة إسلامية ان نعطي ظهورنا للمجلس ونعتمد على انفسنا في حل مشاكلنا. وهنا يمكن القول: ان هذا الموقف صادر من دولة غير عادية بقدر ما هي مؤثرة في صناعة القرار الدولي لما لها من ثقل سياسي واقتصادي. وحجم اعتدالها ومناصرتها للحق على الخارطة الدولية. ومن ثم فقد كان الموقف السعودي في قمة القاهرة هو اهم ما تم طرحه على طاولة المؤتمر بعيداً عن السجالات والبيانات التقليدية التي لا تحاكي الواقع في المتغيرات على الساحة الدولية.. ولا في مسيرة العمل الإسلامي الذي تعمل فيه بعض الدول على تحقيق اختراقات لتوظيف الخطاب السياسي لمصالحها الذاتية من منطلقات اجندة خارج القضايا المصيرية لحاضر الأمة ومستقبلها ومحاولة اختطاف القرار الجمعي إلى محاور الصراع والتهميش والالتفاف على كل صوت يلامس الحقيقة في صورتها ومضمونها. ولا شك أن المملكة العربية السعودية هي الحريصة دائماً على مبدأ التضامن الإسلامي وتفعيل ميثاق منظمته. وبالتالي فإن ما طرحته المملكة في قمة القاهرة خاصة في جانبه الأمني هو بمثابة استنهاض القيادات الإسلامية نحو مواجهة التحديات لمعالجة مشاكلها إذا لم يبقَ إلاَّ الاعتماد على الذات بعد فشل منظومة الأمن الدولي في حل مشاكل أعضاء هم في الأساس جزء من المجموعة الدولية في الأممالمتحدة. وهو ما يستدعي تحرك إسلامي بأدوات ذات فاعلية على مختلف الأصعدة. وذلك من خلال تطوير مرجعية الخطاب السياسي والتوافقي نحو الأهداف التي تعزز مكانتها وريادتها وتأثير مواقفها. وهنا لابد من الإشارة إلى أن المرحلة القادمة ستشهد الكثير من المتغيرات على مستوى الأداء. وذلك بعد انتخاب معالي الأستاذ اياد أمين مدني لقيادة منظمة التعاون الإسلامي.. فهو صاحب فكر سياسي ناضج سوف ينعكس على تطوير المنظمة من خلال الرؤية المتمكنة للإصلاحات والتغيير بما يواكب المرحلة وتحدياتها. وما لا اشك فيه ان معالي الأمين الجديد سيعكف على استعراض ميثاق المنظمة ثم ينطلق منه لصياغة نظام جديد يتماشى مع التحولات الدولية بعد عرضه على قادة الدول الإسلامية. ويعمل على تكريس مبدأ التعاون الإسلامي المشترك ويجعل لهذا الصرح الكبير دوراً فاعلاً له حضوره على المستوى الدولي. وهو الطموح الذي تنشده الأمة. وإذا كان إياد قد سجل نجاحاً من موقعه السابق كوزير للإعلام. فإنني اثق انه سيكون أكثر انجازاً في موقع أكثر اهمية وأكثر حاجة إلى الاصلاحات وتفعيل منهج الاعتدال في مواجهة قضايا هذه الأمة. بما يخدم مصالح شعوبها مستعيناً بالله أولاً ثم بتعاون قيادات الدول الأعضاء. فهل يشهد عالمنا الإسلامي منظمة قوية ومؤثرة في عالم اليوم؟. [email protected] Twitter:@NasserALShehry