تطرح إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية مسألة مستقبل العلاقات الإسرائيلية الأمريكية خلال هذه الولاية، ولا سيما فى ظل تلبد العلاقات مع إسرائيل نتيجة الخلافات الكبيرة فى وجهات النظر بين القدسوواشنطن حيال موضوعات أساسية فى الشرق الأوسط. لقد استهل أوباما ولايته الأولى بتطبيق سياسة التحاور مع إيران، فى حين كانت إسرائيل مقتنعة، بحكم التجارب الدبلوماسية الفاشلة مع طهران، بأن هذه الأخيرة تحاول المماطلة. أمّا فيما يتعلق بالعملية السياسية مع الفلسطينيين، فقد كان أوباما يرى أن التوصل إلى اتفاق إسرائيلى فلسطينى هو عامل مهم فى استقرار الشرق الأوسط، ومن شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بإزالة العوائق أمام علاقاتها مع العالم العربى، كما كان يظن أن البرودة فى المواقف حيال إسرائيل ستدفعها إلى تقديم تنازلات جديدة فى العملية السياسية، الأمر الذى سيساهم فى إعلاء مكانة الولاياتالمتحدة فى أنظار العالم العربى. لكن هذا الموقف لم يمنع الإدارة الأمريكية من إقامة علاقات عسكرية وثيقة مع إسرائيل ومن زيادة التعاون الاستراتيجى معها. ما الذى سيحدث الآن؟ لقد قامت سياسة أوباما الخارجية على قناعاته الشخصية، وعلى وجهات النظر السائدة فى مراكز الأبحاث المقربة من واشنطن. التى قدمت أفكارا استندت إليها السياسة الخارجية الأمريكية سنة 2009 وتجدر الإشارة هنا إلى أن دعوة أوباما إلى التحاور مع نظام طهران كانت سائدة قبل وصوله إلى منصبه، وكانت تحظى بتأييد عدد من وزراء الخارجية السابقين مثل جايمس بيكر وهنرى كيسنجر. أمّا فيما يتعلق بمواقف أوباما من العملية السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فمصدرها المحاولات السياسية التى قامت بها واشنطن قبل انتخابات سنة 2008. وفى الواقع فإنه فى إثر فشل محادثات كامب دايفيد سنة 2000، وفشل محادثات طابا سنة 2001، برزت مجموعة من كبار المسؤولين السابقين فى إدارة كلينتون رأت أن السلام المنشود بين الإسرائيليين والفلسطينين بات أمرا متفقا عليه، وكل ما بقى هو بناء الجسر الذى يوصل إليه. لكن فى الوقت الذى برز فيه إجماع أمريكى يتعلق بالعملية السلمية، كان مواطنو إسرائيل يعانون من الانتفاضة الثانية (سنة 2000) التى شهدت موجة من العمليات الانتحارية طالت أغلبية المدن الإسرائيلية الكبرى، ومن تفاقم عمليات القصف التى استهدفت جنوب إسرائيل بعد الانسحاب الإسرائيلى من غزة (سنة 2005)، وأخيرا من حالة عدم الاستقرار نتيجة (الثورات التى حملها الربيع العربى) سنة 2011 خلال الأعوام الماضية أدركت إدارة أوباما أن النزاع الإسرائيلى الفلسطينى أكثر تعقيدا بكثير مما تحدث عنه الخبراء فى واشنطن سنة 2009. ومن المتوقع اليوم ألا يضيع الرئيس أوباما وقتا طويلا وثمينا على النزاع الإسرائيلى الفلسطينى، إلا إذا اقتنع بأن الطرفين باتا قريبين من التوصل إلى اتفاق.