من الصرْعات التي جنّنت المرأة، عمليات التجميل، في بحثها عن الجمال الدائم، وهيهات. وطلب الجمال مشروع إذا كان في حدود المعقول ولأسباب مشروعة، أمّا أن يُصبح تغيير الشكل موضة مثل الفستان، كل حين لها شكل جديد أنف جديد، شفايف جديدة، وأشياء أخرى جديدة، عندما تظنّ أنه الجمال وهو القبح بعينه، عندما تنفخ شفايفها وتتدلّى أمامها إلى ذات اليمن أو ذات الشمال، أو أشياء تصغرها - وليس كل صغير جميلاً - وعندما تُريد تكبير أشياء لا تكبر. لا تُمانع المرأة أن تُنفق الكثير في سعيها الدائم عن الجمال. وهي في ذلك عرضة للنصب والاحتيال. والتركيز على جمال الظاهر هو الغالب والسائد عند المرأة، بحيث يشغل كل وقتها وتنسى في زحمة ذلك، جمال الداخل، ويجب تعلم المرأة أن الجمال الخارجي يتأثر كثيرًا بالجمال الداخلي، وهو جمال الشخصية والحضور، وكم من جمال خارجي بارد لا حياة فيه ولا بهاء، وذلك بسبب انعكاس جمال الداخل عليه واختلاطه به، فهما لا ينفصلان. والشعور بالجمال غير الجمال ذاته فقد تكون امرأة ذات مسحة من جمال مع حضور قوي لجمال الداخل في الشخصية، ويمتزجان، والكثير لا يُفرّق بينهما فتكون هذه أجمل بكثير للناظر من التي جمالها المادّي متقدّم عنها كثيرًا . قد تسأل إحداهن ما هو الجمال الداخلي؟ وهو باختصار، مكوّنات الشخصية من: أخلاق وذوق وحلاوة منطق وثقافة، وأي نوع من الذكاء. فالمرأة سليطة اللسان لن ينفعها جمالها ولو كانت ملكة الكون، أو الردّاحة فأي جمال سيبقى مع هذا، بل هو القبح ذاته. والفقر في المشاعر وحرارة العاطفة، هذه من جمال الداخل، قد يكون لدى الكثيرات نقص في ذلك وهى تسعى إلى جمال الشكل في حين قد لا يكون لديها الكثير منه ولكنه ينقصها الكثير من جمال المشاعر والعاطفة. هناك من النساء من يُنعم الله عليهن بالجمال الطبيعي الربّاني، وتجد جمالها في زيادة لا يتأثر كثيرًا بمرور الزمن، بل قد تزداد جمالاً على جمال . وهذا النوع من الجمال التلاعب فيه مفسدة له. فمن المصلحة أن تُقدّر المرأة جمالها، أولاً، من أي نوع حتى لا ينعكس عليها قُبحًا بعد التعديل. ويدخل في موضوعنا أيضًا المكياج المُبالغ فيه، هناك من تُحوّل وجهها إلى لوحة زيتية من كثرة الأصباغ والألوان بحيث ينعدم معه ماء الحياة من الوجه، وأحمر الشفايف الغليظ - الذي قد يكون غير مناسب في بعض المناسبات - لو وزّعته على جاراتها لكفاهن. وإذا كانت هناك مناسبة اجتماعية الويل لمن يقرب من تلك الشفاه. ليس الجمال الخارجي وحده دليلاً على الجمال، وبدل انصراف الجهد كله إليه على المرأة أولاً أن تُحدّد ما هو نوع الجمال الذي تُريد، ويصلح لها قد يكون عندها نقص كثير في مقوّمات الجمال الأخرى. وهو الذي لا تفطن له الكثيرات، لأن المرأة مفتونة بالجمال الخارجي، لذا جنّنها عمليات التجميل. وأضحينا نرى مناظر غريبة لا علاقة لها بالجمال. كاتب قطري