أصبحت التنمية البشرية الشغل الشاغل للدول جميعا لما لها من تأثير إيجابي على استقرار المجتمعات وتطورها على جميع المستويات فهي عنوان التقدم و الحضارة الانسانية. فالتنمية البشرية مفهوم حديث المنشأ تبلور في أواسط القرن الماضي وهو يعني الرفع من قدرات الانسان عقليا وجسديا ووجدانيا وتحقيق توازنه النفسي وتفاعلاته مع الغير والمحيط الاجتماعي في بيئة سليمة تمكنه من المشاركة الفاعلة والعيش بكرامة وفي ظلّ القانون والحريات الأساسية وحقوق الانسان. ولأهمية هذا الموضوع وارتباطه الوشيج بالحياة الإنسانية ببعديها المادي والروحي ركنا الحضارة والتطور،اعتمد برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (P N U D) منذ 1990 على قياس مايسمى بمؤشرالتنمية البشرية (I D H ). وهذاالمؤشر التجميعي يرتكز على ثلاث معطيات احصائية أساسية وهي: المستوى الصحي: ويمثله متوسط الأعمار والمستوى المعرفي: ويمثله نسبة الأمية عند البالغين والتعليم العالي وثالثا مستوى دخل الفرد. وتقسيم دول العالم الى ثلاث مستويات من التنمية البشرية والذي قيمته المعيارية من 0 الى 1. الأممالمتحدة أعلنت في تقريرها عن التنميةالبشرية لعام 2010،الذي صد رتحت عنوان"الثروة الحقيقية للأمم: مسارات إلى التنمية البشرية"أن الكويت حلت في المرتبة الرابعة عربياً وال47 عالمياً في نسبة تحقيق التنمية البشرية، لتتراجع بذلك الكويت من خانة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة جداً إلى خانة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة فقط. وعزا التقرير التراجع الكبير للكويت إلى عدة عوامل،في مقدمها تغييرطريقة احتساب متغير التعليم،وحساب نصيب الفرد من الدخل القومي والفروقات بين الرجال والنساء. أما في ما يتعلق بمتوسط سنوات الدراسة،فقد حصلت الكويت على معدل 6.1 وهومعدل أقل من الذي حصلت عليه في التقرير السابق، مشيراً في هذا المجال إلى أن نسبةالإناث اللواتي يتابعن تعليمهن بلغت 52 في المئة وهي أعلى من نسبة الذكورالذين بلغت نسبتهم 43 فيالمئة. أما في مجال التمثيل في البرلمان وهو من المؤشرات المعتمدة في الفوارق بين الجنسين بيَّن التقرير أنّ الإمكانات الاقتصادية الكبيرة للدول الخليجية،لم تؤد الى منح النساء حرية اكبر في التعليم والعمل ومنعها من الحصول على كافة الحقوق التي تم منحها للرجال. والتنمية البشرية حسب ما يعرفها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة هي عملية تنمية مهارات ومعارف وقدرات أفراد المجتمع. والمكان الملائم لذلك هو مجال التربية والتعليم. وكلما ارتفعت نوعية التربية والتعليم ارتفع مستوى التنمية البشرية ودفع الحركة الاقتصادية والتنموية الى التطويروالنمو. وقدأكدت الكثيرمن الدراسات على أهمية التربية والتعليم لتحقيق النموالاقتصادي فالتعليم ولاشيءغيرههووسيلة التغييروالتطوير. لذلك ينبغي على الحكومة أن تنتبه الى أن النظام التربوي والتعليمي هو من أهم الأمورالتي يجب التركيزعليها في خطة البرنامج الحكومي للتنمية والتوجيه الاستراتيجي.وأن تكون الميزانية المخصصة للتعليم أكثرمن أي بند آخر لضمان تعليم فعال وتنمية مستدامة. كاتب باحث في السياسة الدولية