ثقافياً وربما اقتصاديا لا أحد يشك بأن النشر صناعة تستحق أن تفعّل ولأنني عاصرت الكثير من الذين يعلنون صراحةً عن توقفهم عن الطباعة لدى دور نشرنا المحلية اطرح التساؤل التالي " لماذا كل هذا التراجع لدور نشرنا المحلية" ثم لماذا نجد أن النسبة الغالبة من دور النشر لا تجيد تسويق منتجها، بل والمضحك أنهم لا يعرفون أو قد لا يعترفون بحقوق المؤلف حتى في وكالة وزارة الثقافة ولو كانوا على عكس ذلك على الأقل لعاملوا المؤلف على أنه مستهلك لديه الكثير من الاحتياجات والمطالب التي من المفترض أن يكون لدور النشر حد أدنى لا تتعداه في تجاوزها من خلال خدمتها لذلك المستهلك المغلوب على أمره كان مؤداهم غير ذلك فقد نجحوا في ذلك المؤدى فهم للأسف مع انعدام الناشر المحترف بينهم في صناعة الكتاب طباعة ونشرًا يجمعون مع ذلك الخلل ارتفاع سعر تكلفة طباعة الكتاب وليس هناك سوى الآحاد يمكن أن يقال عنها أنها دور نشر تعرف على الأقل ماهو المطلوب منها بعيداً عن أنها ستنفذ ذلك المطلوب أم تتجاهله. والغريب في الأمر أن نجد المساعدة واضحة من الجانب الحكومي وتجلى ذلك حينما أبدت حكومة المملكة عناية فائقة بصناعة النشر حينما صدر تعميم ملكي كريم يسمح بشراء الجهات الحكومية 100 نسخة من كل كتاب سعودي يصدر داخل المملكة وكان ذلك من باب دعم المؤلفين وذلك بإصدارها في التاسع من ربيع الأول لعام 1424ه، إلا أنه وللأسف لم يؤت ذلك القرار ثماره أو بالأصح لم يثمر في تطوير دور نشرنا المحلية فمازال المؤلف يتكبد المزيد من الخسائر المادية وربما رافق تلك الخسارة تنازل عن حقوقه من أجل الانتشار من جانب دور النشر الخارجية . والمؤلم في كل ما سبق أن يجد الناشر الإهمال الكبير محلياً ويتوج في المحافل الدولية ومن خلال دور نشر خارجية ..؟ وحينما أقول خارجياً فإني أعني الوطن ( العربي ) وأما الجانب الغربي فالوضع مختلف تماماً فالناشر الغربي قد نجده مشاركا حقيقيا في صناعة الكتاب بل وفي حفظ حقوق المؤلف وفي مهمة الترويج والإعلان بينما يكتفي بعض الناشرين العرب في استهلاك الكتاب مادياً بل ويحمّلون أصحاب الكتب " المؤلفين " بعض جوانب ضعفهم الإداري أو الفني حتى. ومن المضحك المبكي أن نجد بعض الدور الغربية تدفع للمؤلفين لكي ينشروا عندها ومحلياً الحال هو العكس تماماً.كل ما سبق يجعلنا نطرح السؤال بشكلٍ أوضح أين يكمن الخلل هل في السقف المتاح لفسح الكتاب مثلاً ؟ أم في عدم القدرة على التوزيع والانتشار؟. ختاماً أعتقد أن الأمر لا يحتاج لتحالف العبقرية مع المعجزة بل لا يتجاوز إعادة التفكير في أداء دور نشرنا المحلية مما سيقودنا لتخطيط إداري جديد ينقلنا لدرجة تليق بمستوى المفكرين والأدباء السعوديين الذين شهدت لهم مختلف المحافل العربية أنهم قد صنعوا طيفاً جديداً للثقافة بل وأصبحوا منافسين لإشعال إضاءات يحتاجها المثقف العربي كثيراً . [email protected]