إن حكمة الله تعالى اقتضت أن يجعل من الأرض محور الحياة الإنسانية في هذا النسق الكوني العظيم فأمدها بجميع ما يحتاج إليه الإنسان من نبات وحيوان وأدار الحياة على كرتنا الأرضية فى تناسق وتوازن هما سمة القدرة الإلهية فى هذا الكون كله. وتجلت تلك القدرة أمام الإنسان في تجدد الحياة في دورات متتابعة متكاملة مكنت الإنسان من الإفادة من الثروات الطبيعية والتمتع بما في الأرض من مياه وغابات ومعادن وغيرها ومن تطوير حضارات متقدمة أثرت الحياة البشرية وأقامت لها فرصة الارتقاء بالجهد الإنساني لتحقيق التنمية وتحقيق التقارب بين أجزاء الكرة الأرضية بفضل التقدم ووسائل الاتصالات والمواصلات الحديثة. وتبين الدراسات التي قام بها علماء الطبيعة أن الأرض في وضعها الحالي قد تكونت خلال ما يقارب مليون سنة ولكن الإنسان لم يظهر على وجهها إلا منذ آلاف السنين ورغم هذا فإن الحضارة البشرية الحالية تعتبر في مرحلة الطفولة من عمر الزمان وتتضح لنا حداثتها إذا علمنا أن أقدم الحضارات المعروفة لدينا لا تتجاوز في عمرها ستة اّلاف سنة. وقد عمل الإنسان منذ وجوده على الأرض على استغلال مواردها الطبيعية لبناء الحضارة الإنسانية الحالية إلا أن وتيرة استغلاله لهذه الموارد قد ازدادت بصورة مذهلة خلال السنوات الماضية حتى بلغت ذروتها في القرن العشرين فأفسدت قدرتها على التجدد التلقائي وأخلت بالتوازن الطبيعي للحياة وجعلت الأنشطة الإنمائية التي لم توضع الاعتبارات البيئية في حسبانها تسهم في إلحاق الضرر بالبيئة الطبيعية وتثير القلق حول أهمية المحافظة على مقومات الحياة على الكرة الأرضية التي تتميز الموازين الطبيعية فيها بمنتهى الحساسية والضعف.