العقلية ببساطة هي المحصلة التي تعكس المعرفة المُكتَسَبة بعد تحليلها من قبل العقل،لذا تتجسد في ثقافة المرء؛ أي ما ينتجه من فكر. بإضافة ذلك إلى كل من المشاعر، الأحاسيس، السلوك الذي يعبر عادة عن درجة تحضَره،يصبح لدينا ما يعرف بالشخصية؛ تلك المنظومة المتكاملة التي تحدد كينونتنا، طبعا مع وجود الروح، التي نفخها سبحانه فينا، لذا أتجنب التعرض لها فهي من أمر ربي. هذا عن الفرد، ذكرًا كان أو أنثي، فماذا عن الأشياء وعلاقاتها التبادلية معه في المجتمع؟ الأشياء إما مادية أو عقلانية، وفي كلا الحالين تصل إلينا عادة في صورة مُنمّطة. لتسهيل الأمر، فمثلاً عندما أقول "قطة" أو "مواء"، تقفز إلى أذهاننا جميعاً صورة معينة ترمز لكليهما وهكذا دواليك،أما عن الأشياء العقلية فهي تصل إلينا في صورة إما إيجابية أو سلبية،مثلاً الأخلاق، المرأة، العمل، وهكذا دواليك. طيب ماذا عن نوع العقليات التي تستقبل تلكم الصور؟ عقلية المرء، ذكرًا كان أو أنثى، تُشَكّل تبعاً لما نشأ عليه من تربية، وما اكتسبه من معارف، وما خبره من تعامل، وبعيداً عن تعقيد التنميط، في رأيي، هناك نوعان: - الأولى: المُؤَطّرة؛ وهي التي تقبل الصورة النمطية السلبية؛ - الثانية: التساؤلية؛ وهي التي لا تقبل الصورة النمطية السلبية. مشكلتنا في عالمنا العربي، أن الأولى هي السائدة لأسباب عدة ليس هذا مجالها، بينما الثانية غائبة نوعاً، مع أنه من المفترض أن توجد مادام الأصل هو البناء للمعلوم على أقرأ كما أسلفت سابقاً، وعليه نرى كثير من مشاكلنا التي يلوح لي أنه نشأ بيننا وبينها نوع من التطبيع المموج الذي لا يستسيغه عقل. إذا ما الحل؟ المشعل وليس لعن الظلام؛ وبكلمة أوضح التنوير. التنوير ببساطة هي حالة إدراكية يستشف الفرد منها موقعه الإعرابي في هذه الحياة، إما أن تكون عقليته متجمدة وبذا يصبح ممنوعاً من الصرف، وإما منصرفة إلى ابتغاء مرضاة الله بأداء دوره الاستخلافي، في إطار التنوع والتمايز بين البشر الذي ينمي العمران ويتفهم الاختلافات.