الاستهلاك في اللغة العربية هو استخدام المرء للأشياء بهدف الاستفادة منها في إشباع حاجة ضرورية أو رغبة معينة، أو بمعنى آخر فإن الاستهلاك هو الاستعمال النهائي للسلعة أو الخدمة بقصد إشباع حاجة ما حيث نجد أن هناك نوعين من الاستهلاك هما: أ – الاستهلاك النهائي: وهو إفناء السلعة مثل أكل الطعام وما في حكمه. ب – استهلاك وسط: وهو يتمثل في استخدام بعض السلع لإنتاج سلع أخرى مثل استخدام الجلود في صناعة الأحذية أو الصوف في صناعة الملابس أو الفواكه في صناعة المربى. والاستهلاك في علم الاقتصاد هو الإفناء المادي للسلع والخدمات بقصد تحقيق إشباع الحاجات والرغبات. أما المستهلك فإن البعض يعرفه بأنه المستخدم النهائي للسلع والخدمات استخداماً نهائياً، وعلى العموم فإنه لا يوجد تعريف معياري موحد ومتفق عليه للمستهلك، ولكن وفقاً لاتفاقية روما لسنة 1980م في مادته 5/1 في شأن القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية التي نصت على أن تطبق هذه الاتفاقية على العقود المبرمة لغرض توريد قيم مادية منقولة أو خدمات إلى فرد (مستهلك) لاستخدامها بعيداً عن نشاطه المهني، فقد عرفت هذه الاتفاقية المستهلك على النحو التالي (المستهلك هو الشخص الذي يتعاقد من أجل الحصول على ما يلزمه من سلع وخدمات لاستخدامها في غير مجال نشاطه المهني). ولكن ما يهمنا نحن هو توعية المستهلك حول هذه الهجمة الاستهلاكية التي نتعرض لها في كل الأوقات خلال ال24 ساعة عبر الصورة السمعية والبصرية التي تسعى إلى تسطيح الوعي وإشغاله بما في السطح من صور ومشاهد ذات طابع إعلامي مستفز ومغيّبَ للعقل لدرجة السيطرة على الإدراك والتشويش على منظومة القيم والمبادئ والأسس والقواعد الوطنية. هذه الهجمة الموجهة من الوسائط الإعلامية (media) للعولمة عبر أنظمتها التكنولوجية المعقدة عبر السماوات المفتوحة والشبكة العنكبوتية والتي لا تعترف بالحدود الوطنية للدول والشعوب والأمم، والتي تهدف إلى تغيير المفاهيم والتعريفات الكلاسيكية السالفة الذكر عن الاستهلاك والمستهلك، لأنها ترتكز على أسس سياسية واقتصادية وثقافية وفكرية نابعة من قيم ومبادئ رأسمالية بحتة ترجو من خلال تكييف الإعلام إلى تخليق المستهلك في دول العالم الثالث بشكل خاص، عبر إعادة تشكيل رأيه وفقاً لقيمها ومصالحها وربطه ربطا كلياً مع سلعها ومنتجاتها وخدماتها، وذلك من أجل حثه على زيادة الطلب على سلعها المختلفة، لأن معضلة الدول الصناعية الكبرى تتمثل دائماً في إبقاء قدرتها العالية في الإنتاج للسلع والخدمات بمستوى يفوق القدرة على الاستهلاك، وهي المعضلة التي كان لها أكبر الأثر في دول العالم الثالث وبالأخص في عالمنا العربي نظراً لافتقارنا إلى الوسائل المثلى في المواجهة والفكاك من تلك القيود التي لفت حول رقابنا وحولتنا إلى كائنات استهلاكية لا حول لها ولا قوة تتلقى كل ما تنفث به مصانع وشركات الدول الصناعية، دون أن يكون لنا حق التدخل وإبداء الرأي حول السلع التي نحتاجها أو تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا بل وديننا، وكأننا راضون عن هذا الوضع المزري الذي نعيش ونحيا فيه. إن تصحيح المسار في حياتنا الاستهلاكية يتطلب منا المزيد من الحرية الاقتصادية ولكن بما لا يتعارض مع مصفوفتنا من القيم والمبادئ التي نؤمن بها، عوضاً عن حاجتنا إلى مزيد من التخطيط الاستراتيجي للنهوض وإقامة مراكز البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات العلمية لتكون قادرة على وضع معايير لحاجاتنا المستقبلية، وتضع نتائج الأبحاث العلمية أمام المعنيين للتنفيذ، كما يتطلب منا زيادة معدل دوران عجلة التنمية وليس النمو ورفع مستوى الإنتاج من السلع والخدمات وصولاً إلى مرحلة من المراحل نكون فيها نحن من يضع التصميمات وينفذ وينتج ما تحتاجه أسواقنا ومن ثم التصدير إلى أسواق الآخرين هذا بالنسبة للشق الاقتصادي من العملية التصحيحية. أما الشق الآخر فإنه يرتكز على دور الإعلام في التوعية والإرشاد الاستهلاكي، بحيث أننا بحاجة ماسة إلى منظومة إعلامية متكاملة قوية وفعالة تستطيع إزالة ما رسب في عقل المستهلك من رواسب سلبية حول السلع الوطنية وإيجابية السلع الأجنبية على طول الخط.