أجمل ما في هذا الكون أن يستقبلك البعض بابتسامة عذبة .. وأسوأ ما فيه أن يمد هذا البعض نفسه إصبعه وراء ظهرك ولا أدري لماذا الجالية العربية في بلد كأمريكا مبتلية بنوع من الخصوصيات لا تجدها في الجاليات الأخرى .. في الغربة يبدأ بعض العرب بالحسد والضغينة والكره منذ يفاعته .. يتجه في ذلك إلى مجتمعه الكبير .. ثم إذا تبلورت لديه أدوات تلك النوازع حولها إلى قبيلته .. ثم إلى عائلته .. ثم إلى اولاده وزوجته .. ثم في النهاية يحسد نفسه ويكرهها وتمتلىء نفسه بالضغينة عليها لأسباب تعجبه أو لا تعجبه .. دعنا أولا نخوض في كرهه وحسده وضغينته على الآخرين متبدئين من أبسط قواعد اللعبه .. فإن هداك الله وكنت ذا تاريخ ملوث فلا يمكن أن يُمحى ذلك التاريخ من ذاكرة من يغار منك ويكرهك .. في وقت يكون نفس هذا الشخص الكاره لك ولغيرك قد ارتكب من الموبقات في زمانه ما لا يمكن أن يوصف إن كنت (نصابا) فيما مضى لا سمح الله فهذه علامة لا يمكن أن تزول حتى ولو تبرعت بكل أموالك وملابس أولادك للجمعيات الخيرية .. فقد التصق بك هذا اللقب .. لا تتغير في نظر الآخرين حتى لو أحضرت لهم ما يثبت أنك لا تمتلك ثمن قوت يومك هذا على الصعيد الشخصي .. أما على الصعيد العام فإن افتتحت محلا أو عملا يدر عليك النقود ويبعد عنك شبح الفقر فأنت قد فتحته من نقود حرام أو لأنك سارق ولص وحرامي وتتاجر بالممنوعات .. ولا يخلو قاموس الحاسدين من كلمات قد تطال بيتك وذريتك بأقذع الألفاظ . إن كنت في جمعية مثلا وافتتحت عملا جماعيا يمكن أن تستفيد منه الجالية فسوف ِ (يسنسلون) كل أجدادك ليقولوا إن جدك الثاني عشر والذي خلق قبل الإسلام كان عميلا للهكسوس أو الرومان أو دولة بني غسان .. وإنك لا يمكن إلا أن تميل في العرق إلى جدك ذلك لأن العرق دساس . جرّب مرة واحدة أن تقوم بعمل فيه بعض الخير للغير .. ولسوف ترى أن آلاف الأسئلة تواردت على الحاسدين وحاملي الضغائن والكارهين لتبرير ذلك العمل سلبيا وإلصاق العمل السىء به لإجهاضه .. لماذا ؟ لأن طبيعة البعض هي الحسد والضغينة والكره وتقليل شأن الناس وتسفيه أعمالهم . حاول أن تقابل ( صديقا ) في الشارع لم تره منذ فترة طويلة ، وعد عدد القبلات التي (يلطعك) بها في منتصف الطريق ؟؟ ولكنك عندما تغادره لا تنسى أن تنظر خلفك نظرة سريعة لترى أن إصبعه لم تزل مرفوعة خلف ظهرك .. فإن لم يجد من يحدثه عن مثالبك أخذ يحدث نفسه عن كل السلبيات التي يعرفها عنك حتى وإن كانت أيام طفولتك . حتى في بيتك يا صديقي لا تسمع كلمات الحب العسلية من زوجتك إلا عندما يفرغ جيبها من النقود وتريد فستانا غالي الثمن أو سيارة جديدة أو قطعة من الذهب غالية الثمن . فإن نفذت فأنت أحسن رجل في هذا العالم .. ثم بعد أن تحصل على ما تمنته قالت في سرها إنها لم تر يوما واحدا نظيفا منذ أن تزوجت وجهك العكر .. وأن ( الخُطَّاب ) كانوا يقفون على أبواب أبيها كالمطر .. ولا تعرف لماذا وافقت على أن تكون زوجة لك .. مع أننا لو بحثنا جيدا فإننا نرى أن حظك العثر هو الذي قادك إليها .. وأنك إن لم تأت لكانت قد عنست وأخذت تندب حظها بالكثير من المراثي والندائب . . أما إن كان رأي البعض أننا كاذبون وأن زوجاتهم ( تغطسهم ) بالعسل دائما حتى وإن لم يلبوا طلباتهن فإن ذلك صحيح ولكن له تبريراته .. إذ ربما كانت الزوجة جديدة لم تمر عليها فترة (الصدأ) في بيت زوجها .. أو لأنها ( على نيتها) لا تعرف مسيرة الحياة ..أو لأنها تخاف تطليقها .. أو لأنها تجهل القوانين الأمريكية أو .. الخ انظر الى حال كثير من العرب وانت تحكم بما يمليه عليك ضميرك .هنا في الجالية العربية .. حيث تقبع الغيرة والحسد والضغينة بعض جسدها .. وحيث تنعكس الامور السلبية ولا يمكن أن تنصلح أحوالنا إلا إذا غيرنا ما في نفوسنا .. وتتغير ما في النفس لا يأتي عبر جيل أو جيلين .. إننا بحاجة إلى أن نمتلك ( جرثومة) الحب التي تمكننا من أن نتقبل الاخرين دون أن نحسدهم .. وأن نستقبلهم دون أن نغتابهم .. وأن لا نكرههم إلا بالقدر الذي يزعجون فيه حياتنا إزعاجا حقيقيا يمكن أن يخرجنا عن طورنا .. هنا في الجالية العربية . حيث يأكل القوي الضعيف .. وحيث يتمنى البعض للآخر أن (يفلس) وحيث يحقد الفقير على الغني . وحيث يحقد أحدنا على الآخر لأنه قدم خدمة لا يستطيع ذلك الأحد تقديمها .. وحيث يداس الإنسان الذي يقدم خدمة لجاليته بالأقدام وينعتونه باقذع الصفات .. هنا يجب أن تربط الفرس .. وأن تقول بمل فمك .. لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. وتلك لعمري كلمات رائعه .