انفعالاً بالمشهد العام، وباستمرار علي عبدالله صالح في سدة حكم الجمهورية اليمنية رئيساً، رغم الاحتجاجات الشعبية والسياسية ومحاولة اغتياله في مسجد النهدين بدار الرئاسة ثالث حزيران - يونيو 2011م، ثم تعافيه على النحو الذي ظهر عليه منذ أوائل تموز – يوليو، انشغل بعض الساسة ذكوراً وإناثاً، بتشكيل مجلسين انتقاليين: رئاسي ووطني. أعلن الرئاسي أولاً في 16 تموز – يوليو ثم انفرط عقده بسبب فردية قرار تشكيله رغم مقولة مشكليه بتشاور وتواصل مسبق مع أعضائه الذين تقاطرت اعتذارات بعضهم وتفهم غيرهم لبواعث الإعلان. وإثر –ومن قبل أيضاً- إطلالات متكررة للرئيس صالح من الرياض العاصمة السياسية والتاريخية للمملكة العربية السعودية عبر وسائل الإعلام آخرها كلمته إلى "مؤتمر قبائل اليمن" المساند للشرعية الدستورية 16 آب- أغسطس الذي أتى كرد فعل على "تحالف قبائل اليمن" المساند للشرعية الثورية آخر تموز - يوليو، صار في اليمن شعوب وقبائل يتعارضون ويتحالفون ويأتمرون ضد بعضهم بعضاً، منفعلين بما يسمعون من كلمات تستنفر تبادل الهجوم الإعلامي وتخرج بعض المهاجمين عن الطور بتصريحات وبيانات انفعالية طالت بعض المحسنين إليهم فيتم إنكارها ونفيها بل و"تعديل" نصها في المواقع الإخبارية لاحقاً! "ليت الذي دفع السلاح إليه علّمه اللباقة حتى يعي من يستفز ومن يلاقي في طلاقة حتى يوالي عن هدىً يقظ ويكره عن لياقة" تلا المؤتمر القبلي إعلان "المجلس الوطني الانتقالي" في 17 آب - أغسطس بمائة وثلاثة وأربعين عضواً، بينهم أعضاء ومعلنو المجلس الرئاسي. إذ أراد حاضنو المجلس الأخير مجلسهم حاضناً لمكونات الساحات، فاحتضن وجوهاً قديمة حزبية وقبلية وعسكرية، مستثنياً قوى حقيقية وفاعلة، كما ترى القوى المستثناة نفسها وقضاياها، مواصلين معاً توجيه الخطاب الانفعالي ضد النظام أو "بقاياه" كما يروجون!. لا يختلف الانتقاليان "الوطني" عن "الرئاسي" إذاً من ناحية انفعال بعضهم من (وعلى) بعض –سلباً أو إيجاباً وفق بيانات رسمية وتعليقات شخصية في الفيس بوك-، بمثل ما انفعلت بعض الكيانات والتجمعات رفضاً "لاحتضانهم دون تنسيق مسبق" و"للإعداد المسلوق"، حسب بيان إحدى المجموعات المنسحبة، ولعدم التمثيل العادل لأصحاب القضايا والشعارات ومستوطني الساحات، فبوغت المجلس كما باغت، بخطوات وإعلانات انفرادية وجماعية فضحت عدم الانسجام وغياب التنسيق حول آلية العمل ومعايير "انتقاء" الأعضاء، بانتقادات داخلية أكثر منها خارجية صادرة عن الجانب الحكومي وإعلامه المنفعل مسبقاً، بأن بكّر باعتبار المجلس الانتقالي أكان وطنياً أو رئاسياً: "إعلان حرب وتمرد". فعوضاً عن نيل تأييد خارجي يتمنيانه، أدركا اعتراضاً داخلياً لا يشتهيانه! وجرياً على النهج الانفعالي بتقدير كل طرف لخطوته وقوته، "كل يحسب شمعه شمساً"، أحس معارضو النظام في إعلامهم بوجود: "ارتياح واسع" بإعلان المجلس الانتقالي (الوطني أو الرئاسي) -إنما لدى الباقين من أعضائه ومعلنيه-، وتلمس النظام وإعلامه وجود: "استياء واسع" من إعلان المجلس -لدى النظام طبعاً ومناصريه-! ويتباهى إعلامهما بملايين "لا" تكتظ بهما مواقع لا تتسع -وفق حسابات دقيقة- لمئات آلاف! ويزايد كل مقتحم لمجال ومعترك الصراع السياسي، بوقوف 99 % من الشعب في صفه، بل ويعده حكماً باتاً ينقضه الواقع الشاهد على عدم انفعال (أو تفاعل) الصامتين ليخرجوا عن صمتهم! وتتجسد الانفعالات بمؤتمرات وتحالفات ومجالس وبيانات ورحلات ووفود وتصريحات تُقرأ مبتورة تنتهي بعدم اكتمال الصورة. وهكذا.. دواليك.. سلسلة انفعالات متبادلة.. تنفعل المعارضة من خطاب وأسلوب السلطة، والعكس، وشباب الساحات من تعاطي السلطة والمعارضة، وكلاهما من اندفاع الشباب.. دون أن ينتقلوا جميعاً إلى حوار يجنبهم السخرية والانتقاد -لا الانتقام-، ويقودهم إلى تعقل الموقف وإعادة تقييمه على نحو واقعي يضع المسائل موضعها الصحيح والمناسب ويبدد سمة الأداء الانفعالي والارتجالي و.. الانتقالي.