العنوان أعلاه يصلح لأن يكون لافته تعلق فوق صدر كل من طالت يداه وعبثت بلقمة عيش الكادحين ، وعلى ظهر كل من تسول له نفسه المساس بسعادة المستضعفين من البشر وتحويل بقايا أفراحهم لحزن مقيت يقتلع أحلامهم . قديما كان العقاب يختلف باختلاف الجرم المقترف .. فهناك من يوضع على ظهر الحمار بالمقلوب ويساق أمام الناس في الأسواق ليعلم القاصي والداني أنه مذنب ، وجُرم يستحق حلق شعر الرأس كليا عقابا له ، وآخر يمتنع الناس من التعامل معه وهجره ليشعر بعظيم فعلته ، والفلقة مصير كل من يحاول سرقة ولو كسرة خبز يسد بها جوعه . حتى لو كانت الفعلة مبررة في نظر فاعلها فإن هناك رادع وعقوبة وتشهير لا تستر وتهاون لأن كل الأديان والتشريعات والأعراف تقف ضد كل ما يمس حياة الآخرين بقصد أو بلا قصد ، وتمقت الظلم وتدعو للعدل بين بني البشر . في السابق كانت العقوبات بسيطة بحكم تقارب المجتمع ومعرفة الناس ببعضهم .. إلا أنها كانت توقظ الضمائر ، وتوجه المذنب لجادة الصواب ، وتعيد الحق لأهله .. أما اليوم فالعقاب لمن ؟ فالمذنب أو المفسد شخصية غير معلنة (خيالية) يجد نفسه فوق القانون والوطن والمواطن .. شخصية تعبث في الأرض فسادا كالوباء الذي ينتشر بهدوء حتى يفتك بالناس . أصبحت الضمائر لدى هذا النوع من البشر مخدرة ، مستترة ، ترزح تحت قبضة الغياب . ضمائر قديمة لا تصلح لزمن السعار المادي تحتاج لإعادة ترميم ودهن لتصبح مواكبة لهذه التغيرات الجامدة التي قضت على إنسانيتنا . إن ما يحدث اليوم من تجاوزات وعبث في الأسعار وتجاوزات في المشاريع التي تمس حياة الناس وفساد إداري نتيجة لملمة الأمور والتستر واستتار الضمائر وعدم الصدق مع الله وولي الأمر . أنا لا أطلب وضع مذنبي اليوم على حمير بالمقلوب لندرة الحمير مقابل السيارات الفارهة ، ولا أن تحلق رؤوسهم لأنها والعلم عند الله متصحرة من الهرش والتفكير بطرق ملتوية جديدة .. فقط لنجرب مبدأ ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) والتشهير بهم كائنا من كان .