تشتعل شوارع مختلفة في المدن اليمن بجماعات تريد اصلاح النظام وجماعات تريد اسقاط النظام، ولا توجد لغة مشتركة بين الجماعتين. يتحصن كل منهما على موقفه وتكون اللقاءات بين الجماعتين كلقاء الشرر بمادة قابلة للإشتعال. وتبدأ معها معارك الفضائيات والانترنت والفيس بوك. وتوثق لقطات فيديو مختارة بالهاتف ثم يتم التعامل معها رقميا ووضعها على يوتيوب. والنظام في اقصى حيرته فكل الطرق والمبادرات تزيد الأمور اشتعالا، وتراشق الاتهامات بمسؤلية الآخر لا تتوقف. والغرب كعادته يخشى فقط على مصالحه طبقا لخط يسير عليه، فيكون علنا متردداً بين ترك الأمور لأهلها، والتدخل لتقوية طرف من أطرافها. وعندما يتوثق من ضمان مصالحه مع نظام جديد يقف بكل آلته الدولية والسياسية والعسكرية والمخابراتية. وهذا ما نشاهده اليوم في ليبيا على نحو أوضح وأكثر كشفا للصورة. لكن اليمن حالة خاصة فهي كالبقعة الزيتية فوق سطح الماء متماسكة لا تذوب في السوائل وتجذب امثالها من البقع فتزداد مساحة أو تنكمش منقسمة الى بقع أصغر عندها تنكفئ على مركزها كالقوقعة الحلزونية ومن ثم تعاود التمدد والالتصاق بأمثالها. تحتار جاراتها الخليجية في أمرها، فهي ترى أن مصالحها تتضرر مباشرة أكثر من المصالح الغربية في المنطقة، فالإرهاب مشكلة الجميع لكن العمال اليمنيون والقرابات والتغلغل بعائلات في جذور مجتمعاتها كجزء غير ممكن فصله، يشتعل مع وقائع الاحداث وتكون استجابته القوية الانفعالية كحبات الذرة الصفراء في إناءٍ تحته النار تصل به الحرارة حتى تنتفخ وتنفجر كل حبة فيما حولها. ولأن تاريخ اليمن المعاصر مليء بالثورات وفكر الثورة مرة ضد الاستعمار البريطاني ومرة ضد الأئمة فإن الفكر الثوري في سلوك وأعماق كل يمني. ليس هناك وقت للإنتظار والفرجة لرؤية ما ستفسر عنه الأيام فهي لن تسفر عن جديد غير متوقع بل نتيجة من رحم الحمل المعتاد، الخوف فقط ان يكون الجنين مشوها كقطعة لحم ليس لها تفاصيل قابلة للحل.. المبادرة الضرورية تقوم على جانبين الأول المصداقية في المواقف والرؤى ، والثاني التواصل مع الأطراف الحليفة التي يتم تنسيق المواقف معها سرا ليصبح قناة تغيير آمن. إن الأموال والسلاح التي يتم تزويد الطرفين بها يجب ان تتوقف. فإرتباط اليمن بمنطقتها المحيطة وبواقع التمزقات المحتملة يحتم المواقف الواضحة العلنية الصريحة. وفي كل الأحوال فوصفات الحلول ليست مضمونة، ونتائج التجارب الأخرى خط واحد لا بديل عنه قد يهز وجود المغتربين ويفقدهم منطقهم. فعل شيء على الأقل خير من الفرجة والأنتظار السلبي فالخطورة صمتا مماثلة لموقف ايجابي غير معلن. [email protected]