من صفات المسلم الناجح نظرته المتفائلة الى المحن التي يحولها الى منح ربانية، ولنا على هذه الحقيقة من الشواهد في تاريخ الانسانية قديما وحديثا ما لا يعد ولا يحصى، وفي مقدمتها: منهج الانبياء والمرسلين الذين حولوا صنوف الايذاء الى نعم لا تزال بها الحياة مستمرة الى يوم الدين، غرتهم المنهج النبوي الحكيم الذي جاء بهم سيدهم اجمعين صلوات الله وسلامه عليه وسار على هديه الصالحون في كل زمان. ما اشد امتنا اليوم الى هذه الدروس والعبر والعظات التاريخية لتحول بدورها حالة التشرذم التي تعيشها الى نصر كبير بعدم اليأس والقنوط من روح الله ونصره الموعود به افرادا وجماعات وتؤمن بأن محنة اليوم ستكون نعمة الغد. إن معظم الناس في الدول الإسلامية والغربية يعتقدون ان الانقسامات بين العالمين الغربي والإسلامي تزداد اتساعاً، وان معظم الاوروبيين يعتقدون ان الإسلام يشكل تهديدا لحضارتهم وامنهم. واذا كان هذا الاعتقاد اصبح هاجساً يؤرق بال الشعوب الغربية، فإن سياسة الغرب والولايات المتحدةالامريكية يتحملون العبء الاكبر، من المسؤولية في هذا الجانب، لانهم هم الذين بثوا الرعب والخوف في نفوس شعوبهم من الإسلام بعجلة اعلامهم الضخمة التي لا تكف عن الضجيج، وإثارة الغبار على كل ما هو إسلامي، وهم الذين صنعوا ما يطلقون عليه "الارهاب" واستخدموه في شيطنة الآخر لصالحهم وترهيب العالم منه، حتى حولوا كل مسلم في العالم الى "مشروع ارهابي" او متهم بالارهاب. أليس هم الذين يكيلون بمكيالين عندما يراعون مصالحهم الخاصة فحسب في المنطقة. أليس دعمهم الكامل لاسرائيل دليلا على ذلك عندما اوجدوها على حساب شعب احتلت ارضه وسلبته حقوقه، وقتلت اطفاله ونساءه وكهوله، وشردت شبابه، وهدمت مساجده وبيوته، وانتهكت اعراضه، وهو اليوم يتعرض للحصار والتجويع، ولا يحركون ساكناً في سبيل مساعدته على إنهاء مشكلته. أليسوا هم الذين يصنعون الفتن والدسائس في الاقطار الإسلامية دون غيرها، وليس السودان والصومال سوى مثالين على ذلك يدعمون المحتل والتمرد، فضلا عن احتلالهم المباشر لدول إسلامية عنوة مثل العراق وافغانستان. كيف لا تحدث الانقسامات والشروخ وهم يعتدون على عقيدة المسلمين ويسخرون من نبيهم مع أن هؤلاء المسلمين يوقرون اصحاب الشرائع السماوية، بل يصلون عليها ويؤمنون بهم. إذا كان ثمة اسباب للانقسامات والشروخ، فهي السياسات الغربية الاميركية دون غيرها، وإعلام الغربيين، ونظرتهم الاستعلائية الى الآخرين. * مدير عام وزارة التخطيط/متقاعد فاكس: 6658393