ذكرنا في الحلقة الماضية أن الصحفي (بايتن) الذي كان يعمل في صحيفة جورنال هيرلد وبالرغم من كتابته الموضوعية إذ قامت حملة عليه والتشهير بسمعته، وفي نيسان 1977 كتب بايتن مقالا عن ذكرى مذبحة دير ياسين فتلقى تعليمات بأن يسد فمه إلا يطرد خارجا.كما نجد أن (روبرت انجل هارت) والذي يعمل رساما للكاركاتير في الصحيفة السالف ذكرها يقول: (أستطيع أن أصور العربي كسفاح وكذاب ولص، ولا أجد من يعترض، ولكن لا أستطيع اعتماد صورة تقليدية لليهود، وأشعر دائما كأنني أسير فوق البيض، وذلك حينما أحاول أن أرسم شيئا عن الشرق الأوسط). وفي أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان في حزيران عام 1982 انتدبت الجماعات الصهيونية مراقبا من قبلها ليشرف على أخبار صحيفة الواشنطن بوست، وقد دامت هذه المراقبة مدة أسبوع كي لايبرز في التغطية لأخبار الحرب مايفضح الجرائم الإسرائيلية في لبنان، وكذلك الحال في حرب لبنان عام 2006، وفي حرب غزه الأخيرة نجد أن الإعلام الغربي لم يفضح جرائم إسرائيل في لبنان وفي غزة وإنما يركزون على الصواريخ التي تنطلق من لبنان والصواريخ التي تنطلق من غزة، ويظهرون إسرائيل على أنها مجبرة في الدفاع عن نفسها من أجل البقاء. رأينا فيما سبق كيف وأن الصحفيون الأحرار حينما يذكرون الحقائق والوقائع كما هي يتعرضون للتهديد بل وبالضرب والطرد من العمل إن أمكنهم ذلك، وحتى رجال الدين حينما ينتقدون السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين يتعرضون لحملة شعواء من الصحافة، ووسائل الإعلام الأخرى، أذ نجد مثلا أن العميد (فرنسيس. ب. ساير) والذي كان رئيس الكاتدرائية الوطنية في واشنطن وأحد كبار رجال الدين الذين كان لهم مكانة مرموقة في الولاياتالمتحدة قد تعرض لحملة عنيفة من صحف تخضع للنفوذ الصهيوني مشوهين سمعته، وذلك لأن المذكور قد انتقد السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطين، كما وجه انتقادا للحكومة الإسرائيلية بضم مدينة القدس إليها، ومما ذكرته صحيفة واشنطن بوست عن تصريحات العميد (فرنسيس ب. ساير) أن أقواله عبارة عن أقوال هراء وهي أقوال مجانبة للحقيقة، وهي قريبة إلى حد مؤلم عن نهج قديم لأسوأ أنواع التعصب وتعتبر في حد ذاتها بأنها ماسة بسياسة إسرائيل الحالية في القدس. ومن المعروف أن مذهب العصمة والمذهب الانجيلي من المذاهب المسيحية التي تبدي تأييدا قويا لليهود في الولاياتالمتحدة إذ نجد أن أحد زعمائهم والذي يطلق عليه (جير فلويل) كان صديقا حميما لمناحيم بيغن، وإسحاق شامير، لذا نجد أن صحيفة الايكونوميست اللندنية قد وضعته بأن آية الله للبعث المسيحي ذي الصوت الحريري.وغالبا ما نجد المدح الذي لا حد له من وسائل الإعلام الصهيونية لزعماء مذهب العصمة مقابل تأييد زعماء هذا المذهب لإسرائيل، كما نجد أن صحيفة فيلادلفيا انكويرر وصحيفة ايفنييج بولتين قد هاجمتا بتاريخ 3 نوفمبر 1977 برنامجا يخص الشرق الأوسط الذي كانت تشارك فيه ثلاثة كليات أمريكية، والذي يموله الثري السعودي عدنان خاشقجي، إضافة إلى ذلك قامت بالنقد لهذا المشروع نشرات جامعية كانت تعود لهذه الكليات الأمر الذي أدى إلى صرف النظر عنه، وكانت الجماعات الصهيونية تحصل على تفاصيل الأعمال التي تتم في هذا المشروع بشكل سري وكانت ترفض التصريح عن هذا المصدر. نعرف أن إسرائيل قد قامت في 8 يونيو 1967 بطائراتها الحربية وزوارق الطوابير بالهجوم على السفينة الحربية الأمريكية (ليبرتي) الأمر الذي أودى بحاية 34 جنديا من البحرية الأمريكية، إضافة إلى إصابة 171 جنديا آخرين بجراح، ونجد أن وسائل الإعلام الأمريكية قامت بحملة من التعتيم لم يسبق لها مثيل حول تفاصيل الهجوم الإسرائيلي، كما أنهم رفضوا نشر الوقائع التي تبين كذب الحكومة الإسرائيلية بأن الهجوم حصل بطريق الخطأ، وأن هذه التقارير التي كانت تؤكد بأن الهجوم كان بقرار متعمد من القيادة العسكرية الإسرائيلية، وكانت هذه التقارير لا ترى لها ظهورا في وسائل الإعلام الأمريكية، ذلك لأن لضغوط الجماعات الصهيونية بالغ الأثر في ذلك، لأنهم يريدون هذه المعلومات في طي الكتمان.وإلى اللقاء في الحلقة القادمة. [email protected]