عاد العرب مجددا الى مسرح التاريخ، بعدما ابتعدوا عنه طواعية، بالتبعية والاذعان، ولكن بإرادة قوية ومختلفة، زادها التماسك الوطني، وهو ما تناساه البعض ربما بغير قصد احيانا، وعمدا في احايين اخرى، ثم الايمان بالشباب، نظرياتهم وسواعدهم، وتشكل مع العودة وعي جمعي عربي مختلف للمرحلة المقبلة والمستقبل، سيؤسس لنظرية التعامل مع الآخر وفق استراتيجيات غير مسبوقة نظريا وتاريخيا، بدون ايدلوجيا قائدة او مانعة، بل بالمصالح فقط، تراعيها وتؤثر فيها، وتغير حجم التأثير عليها تبعا لحاجاتها واحتياجاتها. وارادة الشعوب ستبقى العنوان اللافت والابرز للعام الجاري، وربما احداث المستقبل، الى جانب نبذ العنف، والتمسك بالسلم الوطني، والايمان بالتغيير وبإمكانات الشباب وقدراتهم، وسقط نظام آخر في منظومة الظلم وادارة الشعوب بالحديد والنار، لم يؤمن احد منها ان التنمية قبل الامن او معه، وبينهما كرامة الانسان خطوط متوازية يجب ان تكون متلازمة، ثورة تونس ايقظت أمة كانت ترفل في الغياب والتيه، على رغم ان فصولها ومراحلها لم تكتمل، ولم يشرع احد حتى الان في كتابة حروفها المضيئة، وثورة الشباب في مصر اكدت ان الشعوب العربية قادرة وفاعلة، وتملك رؤية وارادة التغيير، وهي اكثر قدرة من بعض الانظمة ديناميكية، خصوصا تلك التي استكثرت الديموقراطية على مواطنيها بما يلائم حاجاتها واحتياجاتها. اجمل مافي النماذج الجديدة لثورات الشباب، تطويع التقنية لمصالحهم، ورفض الظلم والفساد، والبحث عن مشروع الدولة الحديثة بكامل معطياتها داخليا، حسب وجهات نظرهم، بعيدا عن التنظير والايدولوجيا، والإرث نظريا وعمليا، والاتكاء على الموروث والتاريخ، وربما الجغرافيا ايضا، هذا النموذج هو الذي سيقرر المستقبل، ويرسم رؤى التعاطي مع الاشكاليات من حوله الآن ومستقبلا، استنادا الى الداخل اولا وثانيا وعاشرا، ثم نهتم بالباقيات الصالحات وغير الصالحات، لان الامم الفتية حسب معطياتهم تبنى من الداخل اولا ثم تنطلق الى حيث مصالحها وما تريد فعلا وعملا، والاجمل من كل ذلك سقوط نظرية التبعية المطلقة للقوى العالمية، والولايات المتحدة الاميركية في مقدمها حتى وان كانت تلوح بجزرة المعونات التي ظلت غير عملية باشتراطاتها، وسياط الخوف الذي ابتدعته الرؤية الاعلامية للقوى الدولية. والاعلام العربي سيكون محطة الاختلاف المقبلة، والدليل كلمات وائل غنيم لمراسل قناة العربية " انت .. اخرس ... " بعد توظيف القناة لقاءً اجري معه لمرحلة ما بعد التنحي كان سبق تلك المرحلة، بعدما اعتبره توظيفا سياسيا لأهداف لا تعنيه ولا تخصه، تبعا لشعارات الثورة التي شارك فيها بعيدا عن أي شعار سياسي. عاشت تونس .. ورحم الله شهداء ثورتها. عاشت مصر .. ورحم الله الشهداء والضحايا برحمته. وعاشت إرادة الحياة الكريمة