في هذا العصر غير الإنساني عصر المادة والاستهلاك وعبادة المال، وفي ظل هذا الزمان الرديء حيث الانحدار الإنساني، وتلاشي القيم، يبحث المرء عن الحياة الطبيعية والإنسانية الحقيقية بكل معانيها ومفرداتها، يبحث المرء عن الإنسانية المطعونة في صميمها وكبريائها، يبحث الانسان الحر عن مبادئ الشرف والطهارة والعفة والبراءة، تلك المفردات الخضراء اليانعة التي كانت بمثابة التاج على جبين الحياة الإنسانية في الروح واخلاق النفس البشرية، ولكنه يبحث عن كل ذلك فلا يجده، ربما إلا في مواقع وجزر اجتماعية معزولة هنا وهناك، مهملة وضيقة تعاني الهجر والنسيان والذبول والموت. ما أصعب البحث في هذا الزمان عن الاصل والجوهر والحقيقة، فعبثا قد يكون السعي وراء سراب القيم والمثاليات في هذا العصر المادي الموحش، الممهور بعذابات الروح وشفاء النفس وعصف الاغراءات والفتنة، زمن انحناء الهامات والقامات والاعناق، وتذلل الرجال امام سلطان الكراسي، وفتنة النساء وحب المال حيث عزت معاني الرجولة، والزهد والقناعة من مفردات ولغة الفقراء والدراويش. لقد بات الناس حقا يعيشون الزمن الصعب، واصبح الانسان يضيق احيانا بإنسانيته وبفطرته البشرية السامية الكريمة، تلك المنزلة الرفيعة من التكريم الإلهي والتي جعلت الخلق سبحانه وتعالى يأمر الملائكة بالسجود لآدم احتراما وتبجيلا لمنزلته المقدسة والراقية، حيث فضله على سواه من المخلوقات الاخرى لما لهذا الإنسان من قيمة عند ربه، جعلت منه خليفة الله عز وجل على الأرض. ولكن للأسف ففي هذا الزمن نجد ان الإنسانية تتلاشى وتضيع.فالإنسان يعاني من القتل والايذاء من اخيه الإنسان بالرغم من الحضارة العملاقة المزعومة، والتطور الإنساني عبر الأزمان والعصور. ولعل الإنسانية في هذا الزمن غدت مهددة، والإنسان أضحى عدوا لأخيه الإنسان، في ظل تعملق الاطماع المادية والدنيوية، وتقزم البعد الروحي والإنساني لدى الكثيرين وبرود المشاعر، وموت الضمائر وغياب العدالة الحقيقية عن المجتمعات البشرية.قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر * ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) صدق الله العظيم. * مدير عام وزارة التخطيط/متقاعد 6658393