اجتاحت النصف الشمالي للكرة الأرضية العواصف الثلجية والأعاصير بشكلٍ لم يسبق له مثيل منذ قرنٍ من الزمان على الأقل. تكدس الآلاف من الركاب في المطارات الأوروبية والأمريكية وتوقفت رحلات السكك الحديدية وشبكة المواصلات البرية و لعل من سوء الطالع أن يتزامن ذلك مع احتفالات رأس السنة التي يحتفي بها الغربيون من أتباع الديانة المسيحية لأول مرة تفقد هذه الأعياد حميميتها ودفئها العائلي بسبب بقاء بعض أفراد الأسرة بعيدين عن أسرهم نتيجةً لهذه الظروف القاسية فهل أصبح من المستحيل التنبؤ بما يفعله المناخ؟ و على غير المتوقع وكأن لسان حاله يقول هذا ماجنته أيديكم أيه البشر وما جنيت على أحد . بمناسبة الحديث عن الحميمية والمناسبات العامة و بعيداً عن الشماتة أو التشفي بما يحدث ترى كم من أسرةٍ في مشرقنا العربي تشتت شملها في مثل هذه المناسبات و في غيرها، كم من طفل انتظر هدية والده للإحتفال معه على أمل أن يعود ولكنه لن يعود و كم من إمرأة فلسطينية أو عراقية أو أفغانية تزينت وتهيأت لاستقبال الزوج الغائب فهيهات أن يعود ولن يعود. إننا نتمنى من كل مواطنٍ غربي تذوق ألم فراق الأحبة بسبب ظروفٍ طبيعية في مناسباتٍ كهذه أن يسأل ساسته و قادته وجنرالات حروبه لماذا ساهمتم في تشتيت أسرٍ بريئة و صببتم عليهم جام غضبكم وقنابلكم وصواريخكم في العراق و فلسطين وأفغانستان؟ أكرر السؤال مرة تلو المرة و سيكون صمتهم هو الإجابة المتوقعة لأنهم لايجيدون غيرها لتبرير أفعالهم البشعة ! وقفة قال الشاعر : عبدالرحمن اليوسف يَا أهْلَ غَزَّةَ كُلُّنَا تَحْتَ الحِصَارْ ... !!! في مَنْزلي حَوْلي جُنُودٌ يَرْصُدُونَ هَوَاجِسِي و مُحَاصَرٌ كَالجُرْذِ في المَدَارِسِ و المَسَاجِدِ و الكَنَائِسِ و الشَّوَارِعِ و القِطَارْ ... و أنَا الذي هَزَمَ التَّتَارْ ... و أنَا الذي عَبَرَ القَنَالَ وأنا الذي أجلى النهار... نَصْري المُتَاحُ المُسْتَحِيلْ ... و أنَا المُقَاتَلُ و المُقَاتِلُ و القَتِيلْ ... و أنَا الذي كَشَفَ الجَريمَةَ شَامِخًا و أنَا الذي طَمَسَ الدَّليلْ ... و أنَا الذي مَنَحَ الكَثِيرَ بِرَغْمِ فَاقَتِهِ و حينَ الأخْذِ قَدْ أخَذَ القَليلْ ... و أنَا الذي يَشْفِي الغَليلْ ... و أنَا الذي مَلَكَ البَديلْ ... و أنَا الذي نَزَعَ الفَتِيلْ ... يَخْشَى الغُزَاةُ تَأفُّفِي بالرَّغْمِ مِنْ جِسْمِي النَّحِيلْ ... يَفْنَى سِوَايَ مِنَ القُنُوطِ و إنَّنِي خُلِّدْتُ بالصَّبْرِ الجِميلْ ...! [email protected]