اجده من المناسب ان اعطي القارئ الكريم فكرة مبسطة عن البترول واهميته محليا وعالميا. ودور السياسة الدولية في التحكم في انتاجه وفي اسعاره عالميا فالبترول له اهمية استراتيجية كاداة سياسية منذ اكتشافه باعتبار البترول ليس سلعة ككل السلع لان انتاجه وتسويقه ونقله على نطاق عالمي له تاثيره السياسي والاقتصادي وهذا يؤثر على مصالح جهات كثيرة. واذا اردت الحديث عن تاثير البترول على اقتصاديات الدول فانه من واجبي ان اعرض عن اهمية البترول. فالبترول مهم جدا فهو من المواد الناضبة وان نمط الحياة على الارض قد تغير واصبحت البشرية تعتمد على البترول في كل مجالات الحياة حتى في توفير الغذاء وان البترول يعتبر عصب الحياة. ولعلي اذكر هنا للقارئ الكريم مدى اهمية البترول مستشهدا بقول بعض كبار السياسيين الغربيين ومنهم السياسي الفرنسي الشهير كليمنصو حيث قال ان نقطة البترول تعادل نقطة الدم، ثم ما قاله ونستون تشرشل ان من يملك الشرق الاوسط يستطيع ان يحكم العالم. واعود الان للحديث عن اهمية البترول بالنسبة للمملكة فكما هو معروف فان المملكة تعتمد اعتمادا كبيرا على دخل البترول ومشاريع التنمية في المملكة تعتمد على الصرف عليها من الاموال التي يحصل عليها من بيع البترول. ولان البترول مادة ناضبة فيجب ان يكون لنا استراتيجيات طويلة المدى بحيث نحاول ان ننتج على قدر ما نحتاج وان تكون تلك الاموال التي نجنيها من دخله تستخدم في مشاريع منتجة حتى يكون لنا مصادر دخل مختلفة وننشئ مصانع وصناعات متعددة حتى نستطيع ان نوجد وظائف للشباب من خريجي الجامعات والكليات المتوسطة وخريجي الثانويات وهم كثر حيث تفيد الاحصائيات ان في المملكة اكثر من 500 الف عاطل. اما تخزين النفط وتاثيره على استقرار سوق النفط والاقتصاد المحلي والعالمي فانه يجب ان يكون معروفا انه من الصعب تخزين كل النفط في داخل الارض لما له من تاثير محلي وعالمي فتاثيره المحلي بالنسبة للمملكة انه بدون تصدير واستخراج النفط لا نستطيع الصرف على مشاريع التنمية مما يتطلب تنويع مصادر دخلنا وان نخطط لصناعات متنوعة تفيد الوطن وتساعد في خلق وظائف للعاطلين مع التحذير من زيادة الانتاج عن حاجة البلد. ويجب المحافظة على الثروة النفطية والحد من استخراج النفط وذلك لان البترول ثروة ناضبة لا دوام لها. كما ان تراكم الفوائض المالية دون اعتبار لحاجات التنمية الحالية والمستقبلية يجب اخذها بعين الاعتبار لان تلك الفوائض المالية تتآكل قدرتها الشرائية بسبب التضخم وتقلبات صرف العملات الدولية. والاجدى الحفاظ على النفط الذي يزيد عن حاجة التنمية في باطن الارض ليحتفظ بقيمته. وانه من الحكمة ان تحرص الدولة على استهلاكه بطريقة اقتصادية حفاظا على توفير اقصى احتياطي منه لديها ومن اهم الاشياء التي يجب معرفتها هي معرفة المخزون الحقيقي للمملكة وان ننتج بمقدار احتياجنا وان تكون مصلحة المملكة هي اولا واخيرا، كما انه لا يجب ان نصدر جميع البترول كخام ويجب ان نستخرج منه كثيرا من المشتقات التي تفيد البلد حيث اننا نصدر الخام بسعر معقول ثم يعاد تصدير مشتقاته الينا باسعار عالية. واما بالنسبة للعالم فان تخزين النفط له تاثير على استقرار السوق فيما لو تم تخزين البترول بنسبة عالية. ولكن هذا غير حاصل لان للمملكة سياسة واضحة وهي انها لا تريد التاثير على السوق العالمية ولا تريد رفع الاسعار الى مستويات عالية جدا وهذه سياسة حكيمة انتهجتها المملكة ولن تحيد عنها ونجد الان ان الغرب بعد ان ارتفع سعر البترول واخذ سعره الحقيقي يطالبون بين فينة واخرى بتخفيض الاسعار. واود هنا ان اذكر انه في حالة عمل خطط استراتيجية وحساب ما تحتاجه المملكة في مشاريعها والانتاج بقدر الحاجة فلن يكون هناك تاثير سلبي على المشاريع في المملكة. اما اذا قلصنا الانتاج عن حاجة ما يصرف على المشاريع فانه سيكون هناك تاثير سلبي على تنفيذها. ان المسؤولين في بلادنا يدركون اهمية البترول ومدى الحاجة الى المحافظة عليه والانتاج بقدر ما نحتاجه، لان الزيادة عن الحاجة قد لا تكون في المصلحة العامة لانه من الافضل ان تبقى مخزنة في باطن الارض من اجل المستقبل ولان الاموال التي تزيد من الانتاج الزائد عن الحاجة سوف تتاثر بالتضخم وتقلبات اسعار صرف العملات الدولية. اعاننا الله على رسم استراتيجية نافعة تفيد الوطن وتركز على مصلحته، فالوطن والمواطن يجب ان يكونا هما ما نعمل من اجلهما ادام الله علينا نعمه. مستشار وكيل الوزارة للثروة المعدنية (سابقا) وكاتب صحفي [email protected]