لمسنا في الحلقات الماضية مدى ضخامة اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة واكتفيت بذكر عددها، إذ قلت إنه بلغ تسعمائة منظمة، وحتى لايمل القارئ من ذكر كل منظمة على حده اكتفيت بذكر بعض منها ومن هنا ندرك مدى ضخامة تأثير اللوبي الصهيوني على الرئيس الأمريكي وعلى أعضاء الكونغرس وعلى بقية أعضاء الإدارة الأمريكية، حتى أضحت الولاياتالمتحدة هي دولة إسرائيل، ودولة إسرائيل هي الولاياتالمتحدة، الأمر الذي أكسبها كره العالم العربي والإسلامي، وأصبحت هي العدو الأكبر لدى شعوب المنطقة، ذلك لأن إسرائيل تبطش وتقتل في الفلسطينيين ومواطني دول الطوق، والولاياتالمتحدة تؤيدها في ذلك إذ نجد أن الكابت الأمريكي روبرت وليامز قال في كتابه الذي منع من النشر، إذ كان موضوع الكتاب الصراع العربي الإسرائيلي، حيث جاء فيه: (إن اليهود سيطروا على جميع مرافق الحياة في أمريكا مثل بيوت المال والشركات الصناعية والصحافة، وقد بلغ عدد الصحف التي يمتلكونها حوالي 3000 صحيفة يومية وأسبوعية وشهرية وجميعها تعمل لصالح دولة إسرائيل، كما أننا نجد الكاتب دوغلاس ريد يقول في كتابه الذي أطلق عليه اسم (في مكان ما جنوب السور): (إن رؤساء أمريكا ينحنون أمام الصهيونية كما لو كانوا ينحنون أمام ضريح له قداسة)، وله آخر أطلق عليه اسم (الستار الحديدي حول أمريكا) يقول فيه: (إن الأقلية اليهودية قد بلغت من القوة والجرأة لدرجة تهدد أمريكا بالخطر الداهم وبإثارة حرب عالمية ثالثة متى أرادت ذلك). وعلى ذكر إقامة حرب عالمية ثالثة فإني أنبه جميع المسؤولين في الدول العربية والإسلامية إلى خطورة السلاح النووي الإسرائيلي بأن يطالبوا بشدة بنزع سلاحها النووي، كما هي تطالب بوقف النشاط النووي السلمي الإيراني، إذ نجد أن العالم الغربي يحاسب إيران على الشكوك والظنون في حين أنهم كانوا يغطون ويحمون إسرائيل على إبقاء سلاحها النووي التي تهددنا به بين الفينة والأخرى، إذ كانت تريد استعماله ضد دولة جمهورية مصر العربية في حرب عام 1973 وكانت طائراتها قد شحنت بالسلاح النووي لضرب السد العالي، وكانت أيضا تريد ضرب العراق نوويا إلا أن الولاياتالمتحدة زودتها بصواريخ باتريوت لحمايتها من صواريخ صدام، كما أنها تهدد الآن هي والولاياتالمتحدة بضرب إيران بالسلاح النووي، وهذا يدفعنا إلى تشديد المطالبة بنزع سلاح إسرائيل النووي لتكون منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي. وحينما نعود إلى تاريخ هجرة اليهود إلى الولاياتالمتحدة نجد أن أول هجرة كانت في عام 1654 حينما هاجر 23 من يهود البرازيل إلى ميناء نيو أمستردام (الذي هو نيويورك حاليا) كما استمرت الهجرة اليهودية إلى الولاياتالمتحدة حتى بلغ عددهم في عام 1790 إلى 3000 نسمة، وقد أطلق على هذه الهجرة اسم الهجرة الأولى وقد استمر المهاجرون اليهود في الهجرة إلى الولاياتالمتحدة لمدة نصف قرن من عام 1830 إلى 1880 إذ بلغ عددهم من جراء هذ الهجرة 250 ألف يهودي، إذ استطاعوا السيطرة على تجاره الملبوسات كما أنهم احتكروا صناعة المأكولات المجففة وبالتالي أصبحوا المسيطرين على تسويقها في الولاياتالمتحدة. وبعد اغتيال قيصر روسيا من قبل اليهود هاجر عدد كبير من اليهود الروس إلى الولاياتالمتحدة وكان ذلك بين عام 1881 و 1910 إذ بلغ عددهم بعد تلك الهجرة إلى مليون ونصف مليون يهودي، كان معظم وجودهم في نيويورك حيث أضحت معقلا حصينا لهم، وأطلق على هذه الهجرة بالهجرة الثالثة. ونجد أن الهجرة الرابعة لليهود قد تمت في الفترة مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية وأطلق على هذه الهجرة بالهجرة الرابعة، وقد بلغ عددهم في عام 1928 حوالي 3 ملايين نسمة، ارتفع إلى 4 ملايين و 200 ألف نسمة عام 1941 ونجد أن مركز الصهيونية تحول من نيويورك إلى واشنطن بعد أن تختلت بريطانيا عن استعمار الولاياتالمتحدة، وكانت بريطانيا قد أعطت وعدا لهم عن طريق رئيس وزرائها بلفور الماسوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان في تلك الفترة فرانكلين روزفلت رئيسا للولايات المتحدة حيث وقع بين قوتين متعارضتين هي الدول العربية حيث بدأ ظهور النفط فيها والتي كانت الولاياتالمتحدة وشركات بترولها في أمس الحاجة إليه، ومابين اللوبي اليهودي المتعاظم في الولاياتالمتحدة وقد ذكرنا قصة اعتراف الولاياتالمتحدة بدولة إسرائيل في الحلقات الماضية. وإلى اللقاء في الحلقة القادمة فاكس 8266752