.. كلما ضاقت بي الأمور وادلهمت الخطوب واسودت المسالك و تعثرت خُطاي وتشتت جهدي وسرت لا أدري إلى أين ؟ وتساءلت كيف أنجو مما أنا فيه من ضيق وكرب وحيرة لابعدها حيرة.. اتجه إليه وحده الله العلي القدير وقتها هتف فكري وتوهج وجداني أحسست بأن هناك يداً رحيمة .. تربت على كتفي .. وتهدهد فؤادي تمسح على الجرح فتشفيه وعلى الخوف فتزيله وعلى الرهبّة والحزن والضّنك.. وقلة الحيلة فيصحو كل ذلك في طرفة عين دون جهد مني دون واسطة .. دون عون من أحد . أو أمل في أحد وأتساءل وبصوت خافت .. من أحدث هذا؟؟ من أزال ذلك الهْم والغم والكربة ..؟ من ..من ويتكرر السؤال على لسّاني .. من .. من .وأجيب بمنتهى اليقين.. أنه أنت .. أنت يارب . .. ولطالما يا إلهي سرت في طريق الخطأ .. وتعمدت أن أكون خاطئاً .. لكن شيئاً في أعماقي يهْدهد من خطواتي .. فأصبح وأمسي كالطفل الذي بدأ يسير !! فتجدّه يتعثر في خطاه .. يسقط هنا .. يكبو على وجهه هناك . كل ذلك يعود للحب الرباني الذي احسه يظلل الوجود بفيض من رحماته .. ودفق من عفوه وغفرانه .. فأعود من جديد أحاول السير على "جادة" الصواب مفكراً بهدوء .. قائلاً من أعماق أعماقي عونك وهداك ومغفرتك يارب. وسرعان ما يأتي العون متدفقاً غزيراً دون من دون أيذاء .. لأنك يا ألهي خلقت هذا الأنسان وصوّرته.. وأنت أعرف به لا يستطيع أن يتقدم خطوة.. أو ينجز عملاً أو يرتفع مكاناً .. دون عونك ودون توفيقك الذي لا يصّد ولا يرد. وكثيراً ما يعوج هذا الأنسان ويضل الطريق طريق الحق طريق الاستقامة فإذا بهدايتك تنزل كالبرد والثلج والنسيم العليل "برداً وسلاماً" فتهدأ الجذوات والأوار المشتعل بين الجوانح ليحل بعدها الهدوء والأطمئنان وراحة النفس فيخجل الأنسان من نفسه ويعرف واقعه وحقيقته بأنه انسان قاصر انسان عاجز انسان مشلول الحركة دون هدّاية رب السماء دون عونه .. دون توفيقه فتهتف الجوارح بصدق ويقين مزيدا من عونك ومزيداً من هدايتك . (**) وأنت .. أنت ياربي رحيم .. كريم .. تغفر لمسيء النهار والمساء بمجرد عودته .. عندما يقول بتجرد ونزاهة ..يارب .. يارب .. لأنه هذا العبّد وأنا أحدهم .. نعرف يقيناً أنك أنت الله الواحد الأحد الذي يلتجئ إليه الكروبون والضائقون .. والضالون ..!! بل والضائعون الذين أضاعهم الأقوياء والمتنفذون .. والذين ظنوا ذات يوم أنهم شيء كبير فإذا "الحقائق" الواحدة تلو الأخرى .. تنبئهم بأنهم لا شيء ..لاشيء رغم الغطرسة .. رغم التكبر رغم العجرفة التي يحاول بعض من بني البشر أن يتلبس بها في ساعة طيش وغرور وهوى نفس وهي في أوج غرورها وغطرستها وتكبرها .. فإذا بالحقيقة وحدها تقول له : أنت واهم .. أنت لا تخدع أحداً .. لكنك ياجاهل تخدع نفسك وعلى نفسك وحدها أن تتحمل مسؤوليتها يوم لا ينفع مال ولا بنون.. فإذا هذا الإنسان الجبار يخّر على ركبتيه ذليلاً . خانعاً وجّلاً.. قائلاً بصوت خانع وكسير يارب .. يارب أخطأت فأرحم ضعفي وغرور نفسي . فإذا بالباب الواسع يفتح على مصراعيه .. أن هلموا أيها المذنبون أيها القانطون لأ يأس لا تثريب اقتربوا أيها العبيد الخاطئون..!! أجل .. اقتربوا .. اقتربوا .. فإن لكم رباً رحيماً .. يعرف ما يجوس في مخيلاتكم من أوهام وما يلوح على أفكاركم من هواجس .. وما توسوس به أنفسكم من تخيلات وتوهجات.. ومادمتم قد عدتم إليّ .. وعرفتم طريقي .. وتوجهتم نحو ربكم تائبين .. مقرين بالخطأ .. فقد محّوت عنكم كل الذنوب .. كل الخطايا لتشملكم رحمتي ويعمكم عفوي .. وتغشاكم مغفرتي . وحينئذ تنتعش النفوس الخائفة والقلوب المقروحة والعقول التائهة بصوت واحد .. ونداء واحد .. سبحانك الله يارّب !! سبحانك تجلت صفاتك!! وعظم عطاؤك .. وسعد من محوت عنه زلاتك .. وغفرت له خطيئاته .. فلك الحمد حتى ترضى .. ولك الحمد حمداً كثيراً بعد الرضى.. ولك الحمد كثيراً .. كثيراً اذا رضيت .. سبحان ربي رب العزة والجلال .. وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين ..هادئاً ومرشداً من الزيغ والضلال "محمد" صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة والسلام وأزكى التحية وفائق الأحترام .. جدة - ص.ب 16225