الحضور السياحي المكثف لمنطقة الباحة هذا العام يزيد من مساحات التفاؤل بنجاح السياحة في المنطقة، سواء على المدى الزمني القريب أو البعيد، إذ إن اختيار الكثير من الزوار والمصطافين الباحة لتكون وجهة سياحية لهم وعوائلهم لم يأت إلا بعد قناعة كاملة منهم أن الباحة جديرة بالزيارة والبقاء بها عدة أيام استمتاعاً بجوها العليل ومناظرها الخلابة، ومن حسن الطالع إن أجواء صيف هذا العام كانت مميزة إذ تأتي أسراب الضباب مشكلة لوحات بيضاء تسر الناظرين تمشط الجبال وتتسلل من بين أشجار غاباتها في تناغم عجيب وبديع، وقد استقبلت مواقعها السياحية " غابة رغدان، والزرائب، والقمع " وغيرها الكثيرين إذ استنطقت سماء الباحة بوحها لتعبر بين الحين والآخر بقطرات مباركة تزيد من تلطيف الجو.. وتحقق الكثير من البهجة لترتسم في محيا الزائرين كعلامة صادقة عن امتنانهم وسرورهم في اختيار الباحة كمكان لقضاء أمتع أوقاتهم. ورغم العرس الجمالي، والتواصل البديع بين السماء والأرض من خلال لوحة الضباب وزخات المطر إلا أن ثمة إخفاقاً بيّناً وقصوراً واضحاً من الجانب الإعلامي بأنواعه الثلاثة المرئي والمقروء والمسموع عدا التغطيات المعقولة من الصحف الالكترونية والتي بدأت في إثبات وجودها كوسيلة إعلامية لها حضورها وتميزها، إلا أن ذلك لا يكفي أبداً لإبراز الباحة كواحدة من أجمل المواقع السياحية على سراة الجنوب، وربما يعود السبب في الإخفاق البيّن من الإعلام إلى عدم وجود منظومة متناغمة ومتناسقة لتقوم بهذا الدور الكبير والهام.. إذ إن المصور الماهر والكاميرا الجيدة غير كافيين لإنتاج إعلامي مميز، مالم يتواجد المذيعون النشيطون والكتاب الواعون لإعطاء فكرة متكاملة عن جماليات منطقة الباحة وإرثها التاريخي، وتنوعها الطبوغرافي، والنباتي، والمناخي خصوصاً أنها ومواقع أخرى كالنماص وأبها تعد الأجمل والأحلى على قمم جبال السروات إذ تحتضن الباحة ما يزيد عن أربعين غابة.. الكثير منها غير معروفة لأبنائها فكيف الزائر الكريم الذي يحتاج إلى خريطة معرفية متكاملة عن المنطقة. العدسة الحاذفة لا تحتاج إلى تمويه أو خداع فكل شيء في الباحة جميل ومدهش،غاباتها، جبالها، أشجارها مبانيها القديمة، مسطحاتها الزراعية، رقصات أهلها الفلكلورية، أكلاتها الشعبية، مواقعها الأثرية والتاريخية. السؤال هنا هل تتمكن العدسة بمفردها من تقديم كل ذلك ؟ الإجابة طبعاً لا... لأن الصورة تحتاج إلى معلومة إثرائية، ومذيع حاذق، وإخراج جيد وكل متطلبات السيناريو. الباحة أيها السادة - مادة إعلامية خصبة مليئة بالمواد الخبرية، إلا أن مشروعا كهذا يحتاج من وجهة نظري إلى تخطيط مدروس، وجهد كبير، وشراكة فاعلة من عدة جهات التلفزيون، المؤسسات الثقافية، الأمانة، رجال الأعمال، الغرفة التجارية، إدارة التطوير السياحي، جهاز السياحة أصحاب الفنادق وغيرها.. تحتاج إلى أن تصبح منظومة متناغمة تحيل تلك الجهود إلى عمل بارز وواضح وملموس، تستطيع تحديد اتجاه البوصلة السياحية نحو مسارها الصحيح - لتصبح السياحة في الباحة صناعة بمعناها الحقيقي. وهنا الإعلام يقوم بدوره الطليعي والهام لخدمة السياحة. [email protected]