ألا ما أجمل هذا الشهر الحبيب , وما أروع ساعاته ولحظاته الزاهية البهية , وكلما عاد رمضان علينا نحن المسلمين , هبت الأنفس النقية للاحتفاء بمقدمه , وابتهجت القلوب الصافية لوصوله , كيف لا وهو شهر القرآن , يقول الشيخ عبدالرحمن السديس : واعلموا يا إخوة الإسلام أنكم كما استقبلتم شهركم هذا ستودعونه عما قريب ، وهل تدري ياعبدالله : هل تدرك بقية الشهر أو لا تكمله ؟ إننا والله لا ندري ونحن نصلي على عشرات الجنائز في اليوم والليلة : أين الذين صاموا معنا فيما مضى ؟ إن الكيس اللبيب من جعل من ذلك فرصة لمحاسبة النفس ، وتقويم اعوجاجها ، وأطرها على طاعة ربها قبل أن يفاجئها الأجل ، فلا ينفعها حين ذلك إلا صالح العمل، فعاهدوا ربكم في هذا المكان المبارك في هذا الشهر المبارك على التوبة والندم، والإقلاع عن المعاصي، وعليكم بالدعاء ، الدعاء لأنفسكم وإخوانكم وأمتكم. وإني لأدعو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع أيتها الأخت المسلمة : إن الصيام يؤدب على الخير والفضيلة والحياء ، ويسلك بالمرأة مسالك العفاف والحشمة، وما يرى من مظاهر التبرج والسفور والاختلاط ، إنما هو دليل على سوء الفهم لهذه الشعيرة العظيمة . أيها الأثرياء : جودوا بأموالكم في شهر الجود ، ولا تبخلوا ، وشاطروا إخوانكم المسلمين آلامهم وآمالهم . وقال فضيلته : فعلى العباد تقوى الله وشكره على بلوغ هذا الموسم الكريم، فعظموا منزلته، واقدروه قدره، ولا تستكثروا شيئاً فعلتموه، وتأسوا برسولكم صلى الله عليه وسلم فقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، يقول ابن القيم رحمه الله :وكان هديه فيه عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن، وكان يكثر فيه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن، والصلاة، والذكر، والاعتكاف، وكان يخصه من العبادات بما لا يخص به غيره . وقد سار على ذلك السلف الصالح رحمهم الله حيث ضربوا أروع الأمثلة في حسن الصيام، وإدراك حقيقته، وعمارة أيامه ولياليه بالعمل الصالح . فهنيئا لمن كان حظه منه كبيرا , وغنيمته منه وافرة . انه رمضان الحبيب , يطرق أبوابنا وقبل ذلك قلوبنا ومشاعرنا , فمرحبا بضيف عزيز طال شوقنا إلى لقائه , وزاد حنيننا إلى معانقة أيامه ولياليه المباركات , وكما قال احد الفضلاء فإنه ينبغي أن نستقبل هذا الشهر الكريم بالعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا لا تقليدا وتبعية للآخرين , وأن تصوم جوارحنا عن الآثام من الكلام المحرم والنظر المحرم والاستماع المحرم والأكل والشرب المحرم لنفوز بالمغفرة والعتق من النار. وتأتي تلك الأجواء الروحية التي تحث عليها التعاليم الإسلامية، لتحسّن من فرص الاستفادة من هذا الشهر الكريم ، إن لحظات التأمل ومكاشفة الذات، تتيح للإنسان فرصة التعرف على أخطائه ونقاط ضعفه ، وتدفعه لتطوير ذاته نحو الأفضل . فثمرة المحاسبة إصلاح النفس. وينبغي للمسلم الصائم أن يحافظ على تلاوة القرآن الكريم في رمضان وغيره بتدبر وتفكر ليكون حجة له عند ربه وشفيعا له يوم القيامة.