تؤرقني عدة أمور لأهميتها الحيوية المرتبطة بالمجتمع, ولعلاقتهما بقضاياها الجوهرية. - يؤرقني الشخص الذي يكلف بالوقوف أمام التلاميذ والطلاب وهو لم يتدرب ليكون معلماً، ولم يتعلم شيئاً من طرق التعامل مع الأطفال والمراهقين والشباب. فقد ثبت أن التعلّم غير التعليم، وأن مهارات الثاني ومخرجاته غير الأول! فكليات المعلمين المتخصصة في تهيئة المعلمين للموظيفة السامية تختلف تماما عن الكليات الجامعية العامة التي تضع خريجيها على طريق ان يكونوا علماء! وكثير من الطلاب هم ضحايا الأساليب غير المؤهلة لمعلميهم! - ويؤرقني إمام المسجد وخطيبه الذي يتقدم الصفوف ليؤمهم، ويعتلي المنابر ليعظهم ويرشدهم وهو لما يستقم عوده، ويعتدل عموده. فإذا كان المعلم يتعامل مع مجموعة متناسقة في أعمارها، ومتقاربة في متطلباتها فإن إمام المسجد وخطيبه يقود أنماطاً متنوعة من الصغار والكبار والشباب والمراهقين، والرجال والنساء، وتحقيق التوازن في التعامل مع هؤلاء جميعاً يتطلب مهارة خاصة لا تكتسب إلا بتدريب خاص. فلا بد لمن يتولى هذه الوظيفة المهمة أن يتلقى المبادئ الأساسية في إمامة الناس ومخاطبتهم نظريا، والمكوث في دورة تدريبية مناسبة لذلك قبل القرار الدائم في العمل. - ويؤرقني الشخص الذي يتصدى لأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والقيام بوظيفة المحتسب ولم يتلق شيئا من أصول العمل المهم في التعامل مع سلوكيات مختلفة مواجهة، وعلم النفس الذي يرشد الى مؤثرات الإرسال، ومتأثرات التلقي، فوظيفة الاحتساب تختلف تماماً عن وظيفة المعلم والإمام والخطيب، وميدانه غير ميدانهم تماما، لذلك فإن التصدي للقيام بهذه الوظيفة ينبغي أن يمر في دورات خاصة قبل أن يعطى للشخص الإذن بها.