لكل إنسان في هذه الحياة آمال عظيمة وطموحات كبيرة تعيش بين جنبات صدره ومجرد تأملها وتذكرها يبعث في نفسه السعادة والبهجة والشعور بقيمته في الحياة. هذه الآمال تبقى في حياة بعض الناس آمالاً وأحلاماً فيموت ولم تُشرق شمس آماله فُيدفن وتدفن معه. أما البعض الآخر فإن آماله لا تلبث أن تصبح حقائق وأرقاماً تشهد له بإنجازاته ونجاحاته. والسبب في ذلك تفاوت الفريقين في العلم الذي هو مفتاح العمل الذي تتحقق به الآمال بعد فضل الله. العلم ذلك البلسم الشافي الذي يخرج الإنسان من التخبط في ظلمات الجهل وقلة المعرفة إلى ميادين كلها نور ومجالات تسوقه إلى السرور. العلم ذلك الزاد الذي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة منه ولم يأمره بطلب الزيادة من شيء غيره ؛قال تعالى :(وقل رب زدني علما ). ولا أقصد بالعلم هنا العلم الشرعي فقط الذي هو أنفس العلوم وأشرفها وإمامها وقائدها ؛بل كل علم نافع عاد على الإنسان ومجتمعه ووطنه وأمته بالخير والفلاح. والعلم يحتاج إلى عزم يعضده وعمل يترجمه ؛فمن رزق ذلك فقد فُتحت له أبواب التوفيق والتطور والرقي. قال الشيخ السعدي رحمه الله :ومن بذل المجهود في السعي في الأمور النافعة ،واستعان بالمعبود عليها وأتاها من أبوابها ومسالكها أدرك المقصود فإن لم يدركه كله أدرك بعضه ،وإن لم يدرك منه شيئاً لم يلم نفسه ولم يذهب عمله سدى وخصوصاً إذا ثابر على العمل ولم يتضجر ). وقد ذكر بعض أهل العلم أن من قبح الجهل أن صاحبه يكره أن يوصف به؛فأي إنسان مهما بلغ في دركات الجهل يغضب ويخاصم عندما يوصف بالجهل ويسارع بنفي هذا الوصف عن نفسه. والجهل بعضه أقبح من بعض ويقبح في بعض الناس دون غيره فجهل المسلم بأحكام الصلاة أقبح من جهله بأحكام الزكاة التي قد لا يحتاج إليها. وجهل الموظف المختص بمهام عمله أقبح من جهل زميله المكلف بعمل آخر بها. ومن تعلم اليوم أمراً وغداً أمراً آخر أصبح لديه علم بأمرين وفي الأسبوع يصبح عالماً بسبعة أمور وفي الشهر بثلاثين. وهكذا يترقى في سلم المعرفة ؛أما صاحب الجهل فيمر اليوم والأسبوع والشهر والعام ؛بل والعمر كله وهو واقف في مكانه. [email protected]