تعاني المجتمعات المعاصرة من الضجيج، وتزداد وطأته في المدن ازدياداً مطرداً مع حجم المدن وكثافتها السكانية. ومما يزيد الاثر السلبي لهذا الضجيج سلوك الناس أنفسهم، وقائدو المركبات عامة والكبيرة منها خاصة.فبعضهم يركبون في سياراتهم أنواعا من منبهات الصوت القوية التي تزيد عن الحاجة. فمنبهات الصوت في المركبات الكبيرة تخلع القلب، وتثقب طبلة الأذن، وتصيب الشخص الذي يتعرض لفجأتها بالتوتر مدة من الزمن. وقد يدفعه الى الشتم واللعن في ردة فعل غاضب. اما اذا كان طفلاً صغيراً أو مريضاً. أو نائماً فلا تسأل عن شدة الاذى الذي يلحقه. هذه الظاهرة موجودة بدرجات متفاوته في المدن العربية، وقد يكون القدر المشترك منها هو استعمال بعض السائقين منبهات سياراتهم عند الاشارات الضوئية في ساعات الازدحام . فما ان تفتح الاشارة الخضراء حتى يبدأ عدد منهم بالضغط على منبهات الصوت بإلحاح حثاً منهم على السرعة في السير قبل تحول الاشارة الى الوقوف ثانية!! وهؤلاء يتجاهلون عمداً أن مايرغبون فيه من السرعة غير ممكنة، وأنه لا أحد من المنتظرين يتوانى في السير لحظة للخلاص من الانتظار، وأنهم بذلك يتسببون أحيانا في حوادث الاشارات إذ يندفع بعض من يتأثر بإلحاحهم لتجاوز الاشارة البرتقالية والزمن الفاصل بين الاشارتين، فتقع الكارثة!! إننا نحتاج إلى السير صامتاً وهادئاً داخل المدن أكثر من حاجتنا اليه في اي مكان آخر، وقد حصل ان تعطل منبه السيارة عندي فعزمت على خوض هذه التجربة عمداً ، وسرت صامتاً من دون منبه في السيارة أكثر من أربعة اشهر، فما وجدت ضرورة لذلك، ومن ذلك اليوم لا أكاد استعمل المنبه مع صلاحيته للاستعمال. فما رأيكم أن تخوضوا هذه التجربة ولكن بشرطين: الأول هو الهدوء. والثاني هو الايثار. إنكم ستشعرون بالمتعة النفسية، وستحرقون أعصاب أولئك المزعجين!.