لقد صدقت المقولة المشهورة بأننا أمة لا تقرأ، على الرغم من أن أول آية نزلت في القرآن الكريم {اقرأ}، والكتابة مرتبطة بالقراءة، فيكتب البعض في موضوع دون مراجعة ومصادر، حتى يتم إثراء الموضوع، ومن يكتب وخاصة في بعض إعلامنا دائماً لا تتعدى كتاباتهم أطراف أرجلهم، فليس هناك رؤية واستشراف للمستقبل، أو نظرة فاحصة للواقع، أو إلمام بالتاريخ، وعادة ما تكون الكتابات ردود أفعال محدودة فإذا كتب نظر في المصلحة الخاصة وليس العامة، يمارسون النقد للنقد، والتجريح والهدم، وليس النقد للبناء والإصلاح، وهؤلاء كثيراً ما يمارسون جلد الذات، ولديهم سياط وليس أقلام مسلطة على إخوانهم، وأهلهم، وبني جلدتهم! أتذكر واقعة "حذاء بوش" وغيرها من الأعمال التي انبرى لها بعض كتابنا مبدين رؤيتهم، ومتنافسين في التعليق على الحدث، واصفين الأمة كلها بالتخلف، وأن "الحذاء" هو من مفردات ثقافتنا، وهو ترجمة لخلفياتنا الثقافية.. وغير هذه الحادثة حوادث كثيرة. وفي المقابل تأتي حوادث ونكبات جماعية وفردية تستهدف المسلمين، ولكن واقع كتابنا يقول "أنا لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم"، ولعلي أستشهد بحادث مأساوي عنصري وقع لمسلمة في مطلع شهر "يوليو" لعام 2009م، وليس في منزل، بل في ساحة أحد المحاكم الألمانية، وأمام مرأى رجال المحاكم والقانون، ورجال الأمن، بعد أن قرر القاضي بحقها في إحدى القضايا العنصرية، ولكن هذا الحكم لم يكن مقبولاً من الطرف الآخر. والقصص والحوادث كثيرة وكبيرة لا تقف عند حد الإهانة الشخصية، والاعتداء الفردي، بل إن الشركات والمؤسسات الغربية أصبحت تنافس الأفراد في البذاءة والإساءة للإسلام، فقد أعدمت إحدى الدول الإسلامية كمية من الأحذية المستوردة من إسبانيا لأنها تحمل رسومات ورموزاً تسيء للدين الإسلامي، كما قامت شركة أمريكية متخصصة في إنتاج الألعاب النارية بإصدار منتج عنصري يحمل مسمى "أهرب يا حاج" (Run Hadji Run)، ويحمل المنتج صوراً على علبته لرجال يرتدون ملابس عربية ويمتطون جِمالاً بينما تحلق قاذفة قنابل فوق رؤوسهم، وعلى الوجه الآخر لعلبة الألعاب النارية يطل "العجوز سام" "الرمز الأمريكي" عابس الوجه وهو يجذب رجلاً من لحيته، ويبدو المسلم في أسوأ حال. هذه نماذج لمسلسل لا ينتهي من الحقد البغيض والعنصرية وسوء الأدب والاحتقار للمسلمين على كافة الأصعدة، وهو أمر أصبح مألوفاً وغير مستغرب، ولن نطلب من هؤلاء كف الأذى، ولكننا نطلب ممن يمارسون جلد الذات، ويوجهون سياطهم لظهور المسلمين، وهم من أبنائه، أن يكفوا أذاهم فقط عن المسلمين، ولا نريد منهم استنكاراً للأحقاد والأعمال البغيضة من غير المسلمين، فقد تجاوزوا في حماسهم ودفاعهم عنهم ما يقوم به أصحاب الحملات الدعائية وحملات الإعلانات العامة لتحسين صورة الغرب، وفاقوهم وكأنهم في تنافس معهم، وفي المقابل تغشاهم السكينة حينما يكون هناك حوادث إجرامية، وأفعال عدوانية، وإساءات توجه للمسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.