الهيمنة الغربية على العالم بدأت في الانحسار منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة بين القوتين الكبيرتين - آنذاك - ومع تقلص الدور الامريكي في اغلب بلدان العالم بسبب سياسات الظلم والعدوان والتدخل في شؤونها الداخلية، وظهور قوى جديدة بدأت تحل شيئا فشيئا محل القوى الغربية كالصين والهند والدول الخليجية، بدأ الغرب الاوروبي والامريكي يستشعر فادحة ما انتهجه من سياسات لا تتفق مع علاقات الدول مع بعضها البعض أو في علاقاتها الدولية في نطاق الهيئات والمنظمات الاقليمية والدولية باستخدام سياسات المعايير المزدوجة معها سواء في معالجة قضاياها المصيرية كقضية فلسطين العربية التي تقف مع المحتل وانتهاكاته المتكررة على الشعب الفلسطيني باستخدام الاسلحة الفتاكة دون ان تردع سلطان الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين أو العمل الجاد في استقلال فلسطين استقلالاً تامّاً كما فعل ما باقي دول العالم التي استقلت كناميبيا وجنوب افريقيا وتيمور الشرقية، أو القضايا الاقتصادية الاخرى كقضية الفقر والجوع والمرض والبيئة، وحقوق الانسان. ومن المقالات التي تنشر بشكل منتظم في الصحافة الغربية عن نهاية الهيمنة الغربية على العالم ما نشر في جريدة "الجارديان" البريطانية، عدد شهر يونيو حزيران 2009م بعنوان: "نهاية وشيكة للهيمنة الغربية على العالم"! للكاتب "بادي اشداون" جاء في استهلالية المقال: إذا أردنا عالماً أكثر تنظيماً فعلينا أن نوفر مساحة لمشاركة دول لا تشاطرنا الثقافة والتاريخ ورؤيتنا للعالم أو حتى قيمنا! يشهد الغرب الآن بروز عالم جديد إذْ إن الركود الراهن سيكون مختلفاً، لا يعود العالم إلى ما كان عليه في السابق لأن النفوذ الاقتصادي يتغير لتصبح الدول الغربية اكثر ضعفاً مقابل دول في الشرق. وأضاف: غير أن أمريكا ستبقى أكبر قوة في العالم لعقد أو عقدين من الزمان، ولكن رغم أن مكانتها بوصفها قوة كبرى لن تتغير فإن السياق الذي تحتفظ من خلاله بقوتها سيتغير. وإن تنامي ظهور مراكز قوى جديدة يعني زوال القطبية الأحادية في العالم، وهو العالم الذي سيبدو كأوروبا في القرن التاسع عشر، وهذا ينطوي على عواقب مهمة، منها: ظهور مجموعات إقليمية، وزيادة في الحمائية، أو ربما تراجع في التحرك نحو التجارة الحرة، واهتمام امريكا بالأطلس شرقاً اهتمامها بالهادئ غربا إذْ لا تستطيع أوروبا أن تلعب دوراً أساسيّاً في السياسات! خلافاً لما كانت عليه في النصف الأخير من القرن الماض! وسيكون لدى الولاياتالمتحدةالامريكية مصالح في عالم لا يتفق مع أوروبا، وهو ما ستفعله أوروبا كذلك، وهذا يعني أن على الاوروبيين ان يبحثوا عن سياسة خارجية أكثر تعقيداً ودقة دون التعويل دائما على القوة الوحيدة في العالم! واشار الكاتب إلى أن أوروبا بدأت تخسر أكبر حامٍ لها وصديق في احلك الاوقات لاسيما أنها تواجه "روسيا" ذات القوة المتنامية التي لا تتوانى عن استخدام "الطاقة" وسيلة للتقسيم والسيادة، فضلاً على ظهور "الصين" وتنامي القوة الاقتصادية في الشرق! وأضاف: وينبغي التحذير من أن عدم الادراك ان الرد الصائب لأوروبا في ظل هذه الظروف هو تعميق الاندماج المؤسساتي، وخاصة عندما يتعلق بالدفاع والسياسات الخارجية والاقتصادية، فإن الاوروبيين سيكونون حمقى، وستكون العقود المقبلة اكثر إيلاماً! وان الخيار القاسي امام الاوروبيين هو " ان نكون أكثر أمناً متحدين! أو أكثر فقراً ونحن متفرقون". أترك التعليق على الخيارين للقارئ، فالأمن مع الاتحاد قوة، والفقر مع التفرق ضعف!