عندما كلفني د. هاشم عبده هاشم وكان مديراً لتحرير البلاد في عام 1399ه لتغطية احداث الطائرة "الترايستار" التي سقطت في مطار الرياض والتي ذهب ضحيتها 301 ما بين راكب وطاقم الملاحين توجهت الى حي "جرول" في مكةالمكرمة وكانت "سرادقات" العزاء متعددة للاسر التي فقدت ابناءها.. لكن لماذا جرول؟ أصدقاء الحي في تلك الايام اعلنت البحرية عن وجود دورات دراسية في الظهران فاتفق عدد من ابناء الاسر في حي جرول ومنهم السبهاني والشعيبي وغيرهم للسفر للظهران لتقديم ملفاتهم وقد قضوا في الطائرة وهذا ما جعل حي جرول يعيش احزاناً لفقده أكثر من شاب من ابنائه.ومن الضحايا الدكتور سمير عبد العزيز طاشكندي ومحمد جميل السبهاني ويوسف الشعيبي وخالد مقيبل والشريف كامل سعيد الراجحي وعماد جوهرجي. لقاء الأسر أذكر انني التقيت بنسبة كبيرة من اسر "المتوفين" من مكةالمكرمة التي كانت صاحبة النصيب الأكبر من اسماء"الشهداء" آل طيب وقد فقدوا الشاب توفيق جميل طيب الذي كان يدرس الماجستير في امريكا - اسرة الهرساني وذهب في الطائرة ابنهم "سليمان" صاحب اشهر محل بيع ادوات رياضية في مكةالمكرمة في حي الحجون واسرة السبهاني والشعيبي.. قائد الطائرة وأنا أهم بالنزل الى جدة لتسليم المادة الصحفية أولاً بأول لتنشر في اليوم الثاني جاءني من يخبرني أن منزل كابتن الطائرة محمد علي إبراهيم الخويطر على مقربة من مكان عزاء الاسر وفي حي جرول أيضاً. فرحة السبق فرحت جدّاً كصحفي في أول حياته ولم يمضِ على بدايته أربع سنوات وسيحقق لصحيفته لقاء مع اسرة كابتن الطائرة وهو ما لم ينشر تلك الفترة الا في البلاد. منزل الكابتن توجهت إلى منزل الكابتن وكان ذلك على ما أذكر في الثامنة والنصف وطرقت الباب وفتح لي شابا قابلني بترحاب انا وزميلي المصور "محسن سالم" وقد شعرنا بالاحراج لأن التصوير في مناسبات العزاء تلك الفترة كان يعد من الخروج على العادات وظروف المناسبة خاصة بوجود حدث مهم قضى فيه كثير من الشباب لكن من قابلني وادخلني اشعرني بالاطمئنان وقام بدعوة اشقائه وقوبلت منهم بحفاوة وقد عرفوا ما أريده وسألنا عن والد الكابتن الشيخ علي فقالوا انه نائم لكنهم شعروا بأهمية وجوده فقاموا بإيقاظه وانضم الينا شيخ جليل له هيبة قابلني بترحاب "أهلاً يا ابني" والتقيت بأشقاء الكابتن "محمد" يرحمه الله قائد الطائرة: سعد - ابراهيم - عبدالعزيز - عبد الله - فيصل - ومازالوا على قيد الحياة اليوم عدا - سعد وابراهيم اللذين انتقلا الى رحمة الله ووالدهم الذي توفي قبل 4 سنوات من اليوم وكان عبدالعزيز وعبدالله وابراهيم ضباطاً في قطاعات مختلفة واحيلوا الى التقاعد اليوم يعمل فيصل عميدا في الدفاع المدني في الرياض اما شقيقات الكابتن منهن عفاف طلبت التقاعد بعد عملها سنوات في الاشراف التربوي ود. فريدة وهي عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود في الرياض. حفل عشاء شعرت بالفرحة التي اضفاها على من استضافوني لظرفهم لأنني حققت عملاً متميزاً واتصلت من منزلهم بالدكتور هاشم والاستاذ عبدالمجيد شبكشي يرحمه الله ووجدت منهم كل ثناء وتشجيع الا انني فوجئت بأن والد الكابتن يرحمهما الله قد اعد لي "ذبيحة" واصر على العشاء وقد كان الوقت بعد الثانية عشرة مساء وأمامي مشوار للنزول الى جدة والعودة الى مكة استعداداً لعملي وكنت وقتها "مديرا لمدرسة الملك خالد الابتدائية" وما يتطلبه ذلك من الاستيقاظ المبكر وعدت من جدة بعد الثالثة صباحاً وأنا أمني نفسي بعمل صحفي وفعلاً نشر في اليوم التالي على صفحتين في "البلاد" وتابعه استاذ الصحافة د. هاشم بنفسه ثم التقيت بأسرة مساعد الكابتن وكان اسمه محمد حسنين ويسكن في جدة يرحمه الله. ابن الكابتن وقبل حوالي شهر عرفت من احد الاصدقاء ان ابن الكابتن محمد موجود في جدة وهو "طيار" ايضا فعاد بي الحنين وحدثت نفسي يجب أن التقي بابن الكابتن .. اتصلت عليه هاتفيّاً ورد علي شاب وجدت من اول حديثه انه يحمل صفات اسرته الود والخلق الحسن. هل تعرفني؟ سألت الكابتن ريان والذي ولد في 1397ه أي كان عمره عند وفاة والده سنتين وقلت له بعد أن عرفته باسمي .. وسألته هل تعرفني؟ قال: لا.. قلت: أنا فلان الذي أجرى قبل 30 عاماً لقاء مع جدك واعمامك وعمتك وكنت فيها قد حدثتها من خلف "ستار" لمعرفة مشاعرها. ورحب بي وقال تذكرت وأحتفظ بالبلاد لدي.. قلت اليوم سوف يعيد التاريخ نفسه ما رأيك في ان تحدثنا عن والدك واسرتك وكان الحديث الذي جاء مختصراً لارتباط الكابتن ريان بسفر خارج المملكة. ريان الخويطر ريان محمد علي إبراهيم الخويطر من مواليد 1397ه مساعد كابتن طيار في الخطوط السعودية تخرج عام 2000م في امريكا علوم طيران مبتعثا من قبل الخطوط السعودية في 1999م. أطير اليوم على البوينج 777 سألت ريان عن والدته فقال اعيش معها وزوجتي في جدة وأسأل الله لها طول العمر وهي العنود عبدالله عبدالرحمن العنقري وكان عمرها 20 عاما عندما توفي والدي رحمه الله. وعن اشقائه قال اشقائي رعد وهو نقيب في القوات البحرية واخوانه من عمه سعد الذي تزوج بوالدته وانجب منها محمد وسارة وشعاع وهديل وانتقل الى رحمة الله قبل سنوات. وقد اطلقت اسم والدتي يحفظها الله على ابنتي"العنود" وعمرها الآن 3 سنوات. فخور بوالدي يقول ريان أنا فخور بوالدي واحسبه من الشهداء وهو ومساعده ومن معهم من الركاب وعن رأيه في انبائه لو اختاروا الطيران كمهنة قال ارحب بكل سرور - وكما عرفت من والدتي واعمامي وجدي ان والدي يرحمه الله كان حنونا عطوفاً محبّاً للخير ولعمله وأسرته. عرفت بالحادثة الكابتن ريان يقول إنه عرف بوفاة والده في حادث طيران وهو في المرحلة الابتدائية في التاسعة من عمره وكان ذلك عن طريق والدته ثم عمه سعد، يقول وكنت اتشوق قبل وبعد ان عرفت بحادثة والدي ان اكون "طياراً" وقد بحثت عن الحادث عبر وسائل الاعلام "والنت" ضمن حوادث طيران متعددة في تلك الفترة وقرأت الصحف التي نشرت تلك الفترة. ضمدوا جراحي يرجع ريان الفضل بعد الله في تضميد جراحه وتعويضه عن حنان والده لوالدته وجده واعمامه ويقول ريان ان جده لوالده انتقل الى رحمة الله قبل 5 سنوات من الآن. ريان اليوم ريان اليوم يواصل رحلة الحياة بدلاً من والده هو واشقاؤه واعمامه ويدعو لوالده الذي قدم نفسه ومن معه وهو يؤدي عمله.