كان المجتمع العربي الاسلامي على مدار التاريخ مجتمعاً واحداً يحتوي على العديد من الاجناس والاعراق في تعددية فريدة أغنت جوانب الحضارة الاسلامية خاصة والانسانية عامة بحيث شكلت منعطفاً حضاريّاً مزدهراً لفترات طويلة من الزمن يوم كانت أمم الارض الاخرى لا تزال تعيش في ظلام القرون الوسطى التي اتسمت بالجمود والتخلف والانحطاط. الانسان المسلم لا يختلف عن الانسان العربي في شيء فهما يشتركان في ثقافة واحدة، تمخضت عن عقيدة ايمانية راسخة في عقل ووجدان كل منهما، وعاشت ظروفاً واحدة، ومصيرا مشتركاً، وتحديات وظروفًا انسانية متشابهة، وأملاً وهدفاً مشروعا من اجل حياة حرة كريمة، وبناء مستقبل طبيعي منشود قائم على التعاون والاخوة الإنسانية. ومفهوم القومية الحديث لا يمت الى التاريخ الاسلامي بصلة او انتماء، وبعيد كل البعد عن الهوية الثقافية للامة التي كان هاجسها الرسالة الحضارية دون اعتبار لأصول الجنس او العرق او العصبية، خلافاً للمفاهيم الاوروبية القومية التي حذرت من النظرة القبلية والعشائرية والصراعات المريرة والحروب المتتالية في التاريخ الاوروبي، الامر الذي ولّد ثقافة شوفينية فوقية، ومتعصبة اثرت في مجموعات علمانية كانت تعيش في المجتمع العثماني، فعمدت الى إقحام هذه الثقافة المستوردة عن طريق الاقتباس والترجمة، والتشويش للغزو الثقافي الاجنبي لتقريب الاجيال العربية الناشئة، وسلخها عن هويتها ومعتقداتها، ودفعها الى التشتت والضياع مما أدى وجود نهجين مختلفين، وثقافتين متباعدتين اوجدتا انفصاماً في العقلية العربية الاسلامية، احدهما علماني، والآخر عقائدي. واليوم وبعد انحسار هذه الموجة، ورجوع الامة العربية الاسلامية الى حالتها الطبيعية وثقافتها العريقة فإن بوادر النهضة والوحدة اصبحت تلوح في الأفق تمهيداً لإعادة صياغة اللحمة والتضامن على اصول حقيقية لابد ان تؤدي الى حضارة مزدهرة ومستقبل باهر يعيد الى الانسانية وجهها المشرق، ويبرز صيغ الايمان والاخلاق وانفتاح الشعوب على بعضها البعض بعيداً عن الحقد والكراهية، ولكي تقوم هذه الامة بدورها التاريخي العظيم الذي منحها اياه الخالق سبحانه وتعالى لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وليعم الخير والسلام والعدل والبناء مختلف الشعوب وشتى الأصقاع. مدير عام وزارة التخطيط/ متقاعد فاكس 6658393