كل عام والجميع وبلادنا وأمتنا بخير، أقبل عام هجري جديد بدروسه وأحداثه العظيمة التي نستلهمها مع الذكرى العطرة التي تمثلها الهجرة النبوية الشريفة، وما تضمنته من دروس وعبر ثرية باقية تعمر بها النفوس والأفئدة وتمثل املا في الخروج من هذا الواقع المؤلم والتحديات الخطيرة إلى أوضاع افضل في حياة الامة.. لذلك فإن مناسبة الهجرة النبوية الشريفة تدعونا إلى المزيد من التأمل الصادق في الدين والوقفة الجادة في الحياة وأهمية التقرب إلى الله بالعبادات المختلفة وتصحيح منطلقات الحياة المادية التي تتسارع رياحها وطغيانها حتى يكاد الإنسان أن يتيه، إننا مؤمنون ولله الحمد بالخالق عز وجل، وعلى الإنسان أن يأخذ بأسباب الوصول إلى حالة من الطمأنينة والاستقرار والاتزان النفسي خاصة في هذا العصر الذي هو عصر القلق والاضطراب النفسي والجري وراء سراب الحياة المادية . لذلك فإن ذكرى الهجرة مناسبة للتأمل والتدبر والوقوف مع النفس.. فالإسلام دين شامل كامل يضمن التوازن بين الدنيا والآخرة والتكامل بين الجوانب الروحية والمادية في حياة الإنسان.يقول الحق تبارك وتعالى: "ولا تنسَ نصيبك من الدنيا". هذه الأسس القوية للتوازن النفسي للمسلم هي أسباب سعادته وفلاحه في الدنيا والآخرة. والحياد عنها يسبب الاضطرابات النفسية والصراع الداخلي في نفسه بين قوى الخير والشر، أو بين القيم والمبادئ والمثل العليا وبين الرغبات الجامحة، وللإيمان القوي بالله تعالى دور مهم في الوقاية والعلاج من الاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى، فالمؤمن يثق في الخالق سبحانه وتعالى وبنصره وبأرزاقه سبحانه لكل مخلوقاته، وبالإيمان يجد المسلم دائما المخرج من الهم والضيق وحلاًّ للأزمات التي تواجهه بالاتجاه إلى الله تعالى وهم يعلم أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء. اللهم اجعل لنا من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا. في تعاليم ديننا الحنيف ما يضمن الوقاية من هذا الخلل ومن آثاره الكامنة في الاكتئاب والقلق والوساوس المرضية.. وهذه أبعاد تربوية للإنسان عندما ينشأ عليها.. ويشب على القيم والأخلاق القويمة التي تحقق السلوك السوي والاتزان النفسي، ولنتدبر قوله سبحانه: "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" من هنا على المسلم أن يؤكد ايمانه بالله سبحانه وتعالى، وبالقدر خيره وشره، وان يتقي الله سرا وعلانية، وأن يداوم على العبادات وذكر الله، فذكره سبحانه يحقق الطمأنينة والتوازن والسلام النفسي في مواجهة ما يهدده من أمور الحياة. "ألا بذكر الله تطمئن القلوب". وهذا من دروس الهجرة الشريفة.. ويقول سبحانه: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين". إنه الصبر، الدرس الثاني المهم في دروس مناسبة الهجرة. فكل إنسان يتعرض للمكاره والنوائب ويكون معها في اختبار إيمان، إما صابرا شكورا، وإما متعجلا غير راض بما اصابه، وكذلك الصبر على الإيذاء، والأخذ بالعفو والصفح. أليس هذا الخير من دروس الهجرة؟ وما أحوجنا إليها. يقول عز من قائل: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين". وقال سبحانه: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم". دعاء: اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا. للتواصل: 6930973