تحتل الدبلوماسية مكانة متميزة في العلاقات الدولية المعاصرة، فالدبلوماسي ليس موظفاً عادياً، والفريق الدبلوماسي له مواصفاته ومساراته، ولقد كان للحضارة الاسلامية دوراً بالغاً في تطوير ممارسة العمل الدبلوماسي وإرساء العديد من القواعد والأسس التي أخذت ترتكز عليها الدبلوماسية المعاصرة، فقد عرفت الدبلوماسية الاسلامية نظام المراسم واستقبال الرسل والاحتفاء بهم وتكوين السفارات، ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم استهدفت الدبلوماسية الاسلامية الدعوة إلى الاسلام ونشر رسالته، وقد استهل علاقاته الخارجية بإرسال الكتب وإيفاد البعثات الرسمية والمبعوثين من الصحابة إلى القبائل للتعريف بالدين والحث على الدخول فيه، وكذلك كانت رسائل وكتابات الرسول إلى ملوك الروم والفرس، وأرسى النبي فكرة حصانة المبعوث بقوله لمبعوثي مسيلمة الكذاب "والله لولا ان الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما" ومن أبرز قواعد الممارسة الدبلوماسية الاسلامية ما أثر عن معاوية بن أبي سفيان أول خلفاء بني أمية قوله: " لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إذا رخوها شددتها، وإذا شدوها أرخيتها". وفي كتابه الموسوم ب"الدبلوماسية والمراسم الاسلامية.. دراسة مقارنة مع التشريفات الغربية" يكشف صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود نائب امير منطقة القصيم جانباً مهماً من الكنوز العلمية والاخلاقية في مصادر تراثنا الثقافي والاسلامي وهذا الكتاب يستضيء أول ما يستضيء إلى مصادر فكر الأمة وعلى رأسها الكتاب والسنة. إن القارئ حين يجد نفسه أمام هذا السفر النفيس سوف تنتابه الحيرة القاصرة عن اعطائه حقه من الدراسة الموضوعية، أهمية الكتاب ترجع لعدة أسباب يأتي على رأسها انه يقدم وصفاً دقيقاً متميزاً بالاستيفاء والتكامل، لذا يشعر قارئو الكتاب بالجهود المختلفة التي بذلها المؤلف محققاً قول الشاعر: ومن يتهيب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفر يقول المؤلف عن فكرة الكتاب:انه لاحظ كثرة ما ينشر من المطبوعات التي تناولت موضوع المراسم والتشريفات، وما يطلقون عليه "الإتيكيت" أو آداب المعاملة على المستوى الشخصي، و(الدبلوماسية) على المستوى الرسمي، ولفت انتباهه طرح هذه المفاهيم بطابعها التي تطبق فيه في الثقافة الغربية، واتسع نطاق استعمالها حتى لتكاد تصرفنا عن ثقافتنا العربية الاسلامية الأصلية، التي لنا فيها غناء عن كل غريب مستهجن من الثقافات الأجنبية، واختلاط الغث بالسمين فيما ينشر ويقال في أجهزة الاعلام، وفي المناسبات الشخصية واللقاءات العامة، ونحن في بحثنا عن الأصالة يجب أن يستند سلوكنا إلى مصادر فكر الأمة، وعلى رأسها: الكتاب والسنة المشرفة، وسيرة السلف الصالح، فنستمد منها كل ما من شأنه ان يصلح حياتنا، ويقوم سلوكنا. ويهدف المؤلف من هذا الكتاب إلى التذكير بأن في تراثنا معيناً لا ينضب في هذا المجال، وذلك بإضاءة شمعة تنير الدرب، وتكون وسيلة لتأسيس قناعة للمفتونين بالمستورد من العادات والمفاهيم والمصطلحات وأساليب التعبير وطرق المعاملة للعودة إلى المنهج القويم المستمد من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكل ماينبع منهما ويتفق معهما من الآداب واشكال السلوك في تعاملنا فيما بيننا، وفي تعاملنا مع الآخرين، من هنا جاءت فكرة هذا الكتاب، إسهاماً من المؤلف في كشف جانب من الكنوز العلمية والأخلاقية في مصادر تراثنا الثقافي والإسلامي. الجدير ذكره أنه صدر للأمير الدكتور فيصل بن مشعل عدد من المؤلفات أهمها: 1- التطور السياسي في المملكة العربية السعودية وتقييم لمجلس الشورى. والذي قدم له صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وتمت ترجمة الكتاب للغة الانجليزية بالولايات المتحدةالأمريكية وكتب مقدمته نيلسون مانديلا. 2- المجالس المفتوحة والمفهوم الاسلامي للحكم في سياسة المملكة العربية السعودية، والذي قدم له صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض. وتمت ترجمة الكتاب للغة الانجليزية. والذي أتمنى أن نرى ونقرأ مؤلفات الأمير الدكتور/ فيصل بن مشعل التي صدرت والمؤلفات التي نأمل أن تصدر لسموه مستقبلاً إن شاء الله بأن تكون "كتب إلكترونية" أيضاً، حيث نعلم أن استخدام "الانترنت" أسهم في زيادة اتجاه الناس نحو الكتاب الالكتروني مما يجعله بذلك معرفة معلومة ومتجددة على الدوام. نسأل الله تعالى للأمير الجليل الدكتور/ فيصل بن مشعل بن سعود التسديد في القول والعمل وأن ينفع الله بمؤلفات سموه وأن يتقبلها بفضله وإحسانه. وبالله التوفيق.