في حياة الشعوب محبون لأناس جعلوا همهم إدخال البسمة والضحكة لنفوس البشر.. وقد امتلأت صفحات التاريخ بأعلام أهل الدعابة والمزاح والنكتة من أمثال أشعب والدلال وأبي دلامة وغيرهم. وفي فجر النهضة العربية مع اطلالة بداية القرن العشرين برز كثير من أعلام الفكاهة منهم على الكسار صاحب شخصية كشكش بك ونجيب الريحاني الذي وهب نفسه لإضحاك الناس حتى قال قولته الشهيرة إنه اذا عجز عن ادخال البسمة على النفوس فهو يتمنى الموت. وظهر اعلام آخرون في مصر من امثال عبدالمنعم إبراهيم وفؤاد المهندس وعادل إمام وسمير غانم وماري منيب. كما برز في بلادنا أعلام من أمثال حسن دردير ولطفي عقيل زيني والموصلي ومحمد قاسم وسعيد بصيري وبكر الشدى والقصبي والسدحان والعيسى وغيرهم. نذكر هؤلاء ونحن نشاهد هذا المسلسل واسمه "ابو ضحكة جنان" عن حياة الفنان القدير اسماعيل ياسين وقد استعار الاستاذ احمد ابو السعود الابياري العنوان من الشاعر الكبير مأمون الشناوي. واسماعيل ياسين هو ذلك الرجل العصامي الذي ظل مؤمنا بفنه طوال حياته. ولد بمدينة السويس وتوفيت والدته وهو صغير فبقى في كفالة جدته، والدة امه. وقد كانت الجدة خفيفة ظل وقد كان يقلدها في بعض مواقفه كما قلد صلاح السعدني في "ليالي الحلمية" شخصية أخيه الاستاذ محمود السعدني. ووقع والده في حبائل غانية من بلاد التيمز فأتت على امواله حتى اصبح فقيرا معوزا. حاول ان يكون مغنيا ولكن هيهات في زمن يصدح فيه محمد عبدالوهاب وأم كلثوم واسمهان وفريد الاطرش فترك السويس ليذهب الى شارع عماد الدين عاصمة الفن آنذاك. وفي القاهرة التقى بتوأمه الفني ابي السعود الابياري الذي شكل مع اسماعيل ياسين ثنائيا فنيا فكتب لإسماعيل معظم مونولوجاته وجميع افلامه السينمائية وصعد نجمه في بداية الخمسينيات وتزوج بزوجته فوزية التي نعم بزواجه معها حتى وفاته وهي والدة ابنه ياسين اسماعيل ياسين. اما كاتب السيناريو للمسلسل فهو الابن الاكبر للاستاذ ابي السعود الابياري واسمه احمد الابياري وقد استفاد من المسلسل الاذاعي الذي كتبه والده عن اسماعيل ياسين حالة حياة الاخير وقد اذيع من صوت العرب عام 1966 اي قبل وفاة اسماعيل ياسين بعامين لا اكثر. ورغم ان كاتبنا استفاد من والده كثيرا الا انه استطاع اضافة معلومات قيمة على النص القديم مع اضافة شخصيات جديدة.. وقد استطاع المخرج محمد الغيطي اخراج العمل بإتقان وجودة. بقى ان نذكر اروع ما في العمل الا وهو هذا الممثل الرائع الذي قدم لنا فنا جميلا طوال الحلقات الا وهو الفنان اشرف عبدالباقي الذي يواصل نجاحاته في مجال الكوميديا، لقد استطاع اشرف عبدالباقي أن يبتعد كثيرا عن تقليد شكلي للاستاذ اسماعيل ياسين محافظا على نقل فنه للمشاهد بطريقة ابداعية وقد كنت اشفق في البداية عليه ولكنني بعد اطلاعي على المسلسل استطيع ان اقول انه حقق نجاحا باهراً. ويأتي بعد ذلك الاستاذ صلاح عبدالله الذي قدم شخصية الاديب أبي السعود الابياري مواصلا نجاحاته الكبيرة في أنه ليس مجرد ممثل كوميدي. أما سمير غانم فأستطيع أن أقول ان المشاهد التي رأيتها له وهو يقلد شخصية نجيب الريحاني تجعله هو المرشح الوحيد لبطولة مسلسل عن الساخر المبدع نجيب الريحاني، ومن يدري فقد نشاهد هذا المسلسل في الاعوام القادمة.