عندما تحصل بعض التصرفات غير المنطقية في أي ادارة من الإدارات فإنه يُقال عن الادارة وعن رئيسها وعن العاملين بأنهم يؤدون مسرحية هزلية لأن الرئيس ورهطه يقومون بأداء أدوار بعيدة كل البعد عن الأنظمة والاجراءات الادارية وكذلك عن الخلق الاداري المطلوب بل يؤدون ادواراً هزلية مضحكة ومخجلة.فلماذا يوصفون بذلك؟ الجواب سيكون من خلال ما يحدث على خشبة المسرح فتعالوا معاً إلى قراءة الادوار وعلى من يقرأ المقال أن يتخيل نفسه من الجمهور الحاضر للمسرحية. يُرفع الستار فيظهر مخلوق منفوخ متغطرس يمثل دور الرئيس ويلاحظ عليه أنه غليظ القلب جالس على كرسي في وسط المسرح وأمامه مراجع باللغة الانجليزية كان يداوم على قراءتها قبل أن يعين في وظيفته وهذه المراجع كان يستعين بها في أداء عمله السابق، وفجأة يظهر صوت ضجيج صادر من حمادة الذي كان يضحك بطريقة هستيرية ها ها هو هو هو هاي وكان من شدة الضحك يسقط على رأسه ارضاً ثم يرفع رأسه ويزيد من الضحك ها.. ها.. هو هاي والجمهور مندهش وعندها يبدأ حمادة في الكلام ويقول لقد أصبحت الآن ذا شأن ومركز مرموق أنا حمادة ولا فخر لقد أصبحت اليوم الرئيس في هذا الموقع الوظيفي المرموق الذي يفرض علي أن اهتم بهندامي فقط فأما أخلاقي فإنني أخاف إذا حاولت أن أخفي أخلاقي السيئة وأتطبع بأخلاق أخرى فإن الطبع يغلب التطبع والجمهور يتابع ويتعجب وبعد ذلك يظهر حمادة على المسرح وهو يرتدي الملابس الرسمية وينظر إلى المرآة ويقول بعد أن أصبحت رئيساً أريد أن أمشي كما يمشي العظماء من الناس مردداً "يا أرض هدي ما عليك قدي" ويرخي رأسه الكبير نحو الأسفل مرة ويميل وهو يمشي مرة ثانية على جانبه الأيسر وفي الأخير يركض على المسرح ويصيح ويلوح بيديه لموظفين كانوا يتابعون حركاته وتصرفاته الرعناء بتعجب ودهشة ويقول لهم أنا حمادة أنا رئيسكم استطيع أن أرفع منكم من أشاء وأبطش بمن أشاء. حتى أن البعض يلقبني بلقب قريب إلى نفسي وأحب سماعه وهو حمادة البطيش وأنتم تعرفون معنى البطيش فمن ازعل عليه أدمره فإن كان في الواجهة أضعه في الطيش فيرد بعضهم بصوت واحد يا عمنا يا حمادة أنت رئيسنا ونحن معك فإن نمت سهرنا وإن أكلت فرحنا وقلنا بالهنا والشفا وهنا يتدخل حمادة ويقول ولكن لو رأيت أحداً شرب أو أكل فإنني سوف أوصفه بأنه إما بقرة أو بعير فقالوا له قل ما تشاء وثق أننا سوف نعادي من تعاديه ونضحك ونستقبل من تضحك معه فإذا غضبت من أحد فالويل والثبور له منا فلا طعام ولا شراب ولا كلام معه حتى أنه لا يدخل في أي صورة تذكارية وسوف نقعد له كل مرصد! ويصيح واحد منهم نحن معك يا حمادة في جميع الأحوال في الليل وفي النهار وفي السفر وفي الحضر في الأرض وفي الجو وإذا دعوتنا إلى الاشياء الحلوة والليالي المقمرة كنا معك فيها! فيقول حمادة هذا أملي فيكم وأنا وأنتم من مدرسة واحدة وبعد أن اتجه الجميع للخروج وفي غفلة يرفع حمادة يده ويقول كش عليكم، وفي هذه اللحظة يهجم الجمهور على المسرح فلا يجد القائمون على المسرحية إلا اعلان نهاية الفصل الأول بعد أن ردد الجمهور فاشل فاشل فاشل وإلى اللقاء مع الفصل الثاني من مسرحية حمادة البطيش!!