من الغريب أن ظهور أنفلونزا الخنازير قد أرعب العالم "خاصة العالم العربي" رغم تأكيد كثير من العلماء أن الأنفلونزا الموسمية التي تصيب الملايين حول العالم تتسبب في وفاة عدد كبير من المصابين بها سنوياً، ورغم ذلك كثرت الأقوال حول هذه الأنفلونزا ووصفت بأنها وباء، كما أنكر وجودها أيضاً كثير من الأطباء والعلماء ولو كانت وباء لمات أغلب الناس الذين يعدون بمئات الألوف والذين قدموا لأداء العمرة في رمضان هذا العام .. وانتهى رمضان بل عاد جميع المعتمرين لدورهم سالمين غانمين بأجر عمرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قُدر له التقاط زكام نتيجة كثرة الأشخاص والاختلاط فيعرف طريقة علاجه، ومن لم يمرض لم يمرض! الخوف من العدوى الفيروسية قد انتشر وأصبح الخوف هو الوباء الحقيقي وليست أنفلونزا الخنازير هي السبب، وقد ارتعب العرب منه أكثر من الغرب فأغلقت مدارسنا أبوابها دون الطلاب خوفاً منها، وبدلاً من قيام الأهالي بمحاربة المرض و الوقاية منه و ذلك بالمحافظة على النظافة ونصح الأبناء بغسل أيديهم مرات عديدة وتعاون الجميع داخل وخارج البيت وبإرشاد المُدرسين بخطورة المصافحة والتقبيل ولمس الأشياء التي يمكن بها أن تنتقل العدوى وذلك من أجل سلامة التلاميذ أثناء تواجدهم في المدرسة وهذه أفضل سبل للوقاية التي هي خير من العلاج.. وأصر أغلبية الأهالي في عدة بلاد عربية على عدم رغبتهم بالتضحية بفلذات أكبادهم لأسباب جوهرية منها عدم نظافة المدارس خاصة دورات المياه وهذا شيء في الحقيقة مُرعب في كل الحالات وليس بسبب ما أُشيع عن أنفلونزا الخنازير، كذلك تواجد القمامات في الأزقة بين البيوت لشيء مؤسف حقاً! لكن البقاء خارج أسوار المدارس كنوع من الوقاية المؤقتة لا يجدي على المدى الطويل! تسبب تسرعنا و خوفنا عليهم بإعاقة أبنائنا عن مواصلة تلقي العلم الذي هو حضارة البلاد ونهضتها غافلين عن اختفاء المعلومات من رؤوسهم بسبب طول مدة الأجازة التي شارفت على نصف عام مما عودهم على الكسل، وكما نعلم جميعاً ليس لدينا بدائل ذات قيمة تُشغل الأبناء أثناء فترة الإجازة الصيفية الطويلة غير الكسل والتسكع في الأسواق والتحليق في شاشات التلفزيون والكمبيوتر وما ينتج عن ذلك من مشاكل تؤدي إلى ما لا يُحمد عقباها! والعجيب حقاً أن المدن الغربية لم تغلق مدارسها دون الطلاب خوفاً من الوباء! ترى هل الوباء سينتشر فقط في بلادنا العربية وخاصة في المملكة العربية السعودية بحجة كثرة المعتمرين والحجاج؟ أنه لأمر عجيب حقاً! هل يمكن أن تكون هذه حرب اقتصادية لهز الاقتصاد السعودي وزعزعة قلوب شعبه؟ هل يعجز المسؤولون لدينا عن إنشاء مصانع للقمائم كي تتخلص شوارعنا مما تبعثر فيها من تلوث مستمر حتى كادت الناس أن تكتسب مناعة ضد النظافة؟ أندفن رؤوسنا في التراب ونترك القمائم لتشوه بلادنا الجميلة؟ صحراؤنا تتسع لأكثر من مصنع واحد للقمامة وكما هو معروف أن القمامة تجلب الملايين أذا ما أعيد تصنيع ما بها من مخلفات لما لها من فوائد في استخدامها بعد تصنيعها! أليس كان الأجدر بنا أن ننظف مُدننا ثم ننظر للخطوة التي بعدها؟ إلهي نحن نؤمن بأن الوقاية خير من العلاج وأن النظافة من الإيمان وبلادنا بخير وستظل بخير ما دمنا نحرص على تنظيفها والارتقاء بها وبعقول أبنائنا ولا نؤجل الذهاب للمدارس من أجل تلقي العلم الذي سينهض بنا إلى أعلى الدرجات.