الخالق سبحانه كرم الإنسان وأوجد له الكون بما فيه ليصبح هذا الإنسان أهم ما فيه. وعندما ننظر لكلمة إنسان ونساء نلاحظ الشبه بينهما أكثر من كلمة إنسان ورجال، والخالق عندما اختار أن تكون فترة تكوين الجنين الإنسان في رحم النساء كان هذا تكريم للنساء عن الرجال، فترة تكوين الجنين هي مرحلة إجادة، تجميعه، تركيبه، التي يختلط، يتغذى ويتنفس فيها بواسطة الأم، وهذا يعني أنها تصنعنا بعد خلق خالقنا في رحمها ولا نصنعها، وكان لها رحم لأنها ترحم من خرج من احشائها وتتحمله مهما أتعبها وأضناها وهي من تسهر عليه، وهذا ما لا يستطيع الرجل فعله. فإذا كانت هي من نتكون في داخلها وهي من ترحمنا صغاراً وكباراً، فكيف نغالط الحقيقة ونسمح بفتح باب المقارنة بينها وبين الرجل ونحن نعرف النتيجة التي لا ينكرها أو يتنكر لها إلا جاحد لفضل أمه، دون ذكر ما قد تفعله زوجته، أخته..ألخ يقول الشاعر حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، واقدر له اختيار كلمة الأعراق التي استبدلها هنا بكلمة الأخلاق لأنها الممثل الرسمي للسلوك الذي يبني أو يهدم شخصية الفرد الذي هو الخلية في المجتمع. الآن ما رأيكم أن نوقف عطاء هذه المدرسة ونعطل دورها، ماذا سوف يحدث؟ هو نفسه ما حدث وسوف يتفاقم كما يتفاقم المرض في الجسد عندما نعطل مدرسة هذا الجسد والروح وتلك هي المرأة. وهل بدون الأخلاق تطيب الأعراق؟. وضح لنا القرآن مكانة النساء في عدة مواضع وبصور مختلفة لكي تكون آيات للإنسان المجادل بطبعه وهنا أعني الرجال تحديداً، وكان ذكر هذه الآيات للتعلم بالتفكر والتبصر بها وليس لحفظها دون فهمها. أختصر منها التالي: 1 صور لنا المرأة في أرقي المناصب الدنوية وهي ملكة على شعب غني وقوي، بل صورها وهي تطبق أرقى ما توصل له العلم الحديث في الإدارة وما يسمى نظام العدل والمساواة وذلك هو الشورى في الأمر(Consultative)، فقد طبقت هذه المرأة الملكة بلقيس تلك الأنظمة في أفضل أساليبها ولذلك كانت تحوز على قناعة شعبها وتأييدهم لها في أن لا يخالفوها في ما سوف تقرر. وقد أحسنت التصرف وحسن القرار، والخالق لم يذكر هذه القصة في الكتاب الحكيم (المنهج) لكي نتعرف على الهدهد والتقرير الذي قدمه عن الملكة. 2 عرفنا القرآن على (المرأة) بنت الرجل الصالح الذي سقى سيدنا موسى عليه السلام لبناته، والتي كانت تلزم الأدب هي وأختها وهم يسقون مع الرجال دون محرم، وتلمست ضعف أبيها وعدم وجود رجل يدافع عنهم في ذلك الزمان الذي كانت فيه الغلبة للقوة البدنية وليس كزماننا الذي بلا شك تتفوق فيه القوة العقلية. تلمُسها لضعف أبيها جعلها تتخذ قرار شجاع يحتاج إلى مهارة إدارية وهو عبارة عن سرعة التحليل واتخاذ القرار. (Decision Making) لأن الحدث قد لا ينتظرك، وقرارها كان في طلبها أباها أن يستأجر سيدنا موسى. كذلك الأسلوب الذي بررت فيه اختيارها لسيدنا موسى تحديداً يمثل في علم الإدارة الحديث ما يعرف بالوصف الوظيفي أو( Job Descr iption) وكان أكثر وصف وظيفي اختصاراً وشمولية في قوله تعالى:" قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"(القصص:26). القوي في زمننا الحاضر تعادل المعرفة في حين أن الأمانة تعادل إتقان الأداء. إنني لا ادافع عن المرأه من أجل أن أكسب صوتها في الانتخابات، بل بالتأكيد اعاني منهن مثل ما يعاني باقي الرجال وبالذات من كيدهن الذي وصفه الخالق بالعظيم في حين أنه سبحانه وصف كيد الشيطان بالضعيف، وقوة كيدها ليس بالضرورة يسخر للشر إذا أحسنا التعامل معهن بما يليق بهن من التكريم الذي سبقنا به خالقنا وخالقهن. ولكن سبب تعرضي لهذا الموضوع هو خوفي على هذه المدرسة التي يتخرج من تحتها الأبناء والأحفاد، هذه المدرسة التي إذا استمر تهميشها وتعطيل دورها سوف تتعطل الهمة وتحل الظلمة وتزيد الغمة على الأمة، لذلك كلامي ليس لسواد عيونهن ولكن خوفاً من بياض عيوننا من الحزن وأسفنا على ما فرطنا فيه من أمر المدرسة التي تهيئ الدارسين من بنات وبنين. [email protected]