تكلمنا في الحلقة السابقة كيف تمت سيطرة اليهود على وكالات الأنباء والصحافة والسينما، وفي هذه الحلقة سنتابع الحديث عن سيطرة اليهود على شبكات الإذاعة والتلفزيون والتي تمثلت في شركة (الإذاعة الوطنية) وشبكة (كولومبيا الإذاعية) وشركة (الإذاعة الأمريكية)، ونجد أن اليهود يسيطرون على مؤسستين وطنيتين من أصل مؤسسات ثلاث تقوم بإجراء استفتاء الرأي العام، وهاتان الشركتان هما (لويس هارس)، و (ديفيد بانكيولوفيتش). ومن هنا ندرك مدى قوة التأثير الإعلامي الصهيوني في الولاياتالمتحدة وتكوين الرأي العام وتوجيهه الوجهة التي يريدها الصهاينة، وخاصة نحو السياسة في الشرق الأوسط. واليهود يعملون من أجل التفريق بين الحكام والمحكومين وكذلك من أجل التفريق بين الدول، وكل خوفهم أن تقف الشعوب وراء حكامها وأن يتحد الحكام بعضهم مع البعض الآخر. ونظرا وتأكيدا لما قلته فإن بروتوكولات حكمائهم تنص على أن من رحمة الله أن شعبه المختار مشتت، وهذا التشتت الذي يبدو ضعفا فينا أمام العالم قد ثبت أنه كل قوتنا التي وصلت بنا إلى عتبة السلطة العالمية. انظروا يا أخواني على هذه الحقيقة، ذلك أنه في تشتت اليهود في مختلف أقطار العالم مع تماسكهم فقد أضحوا أصحاب نفوذ في كل قطر ولذلك فقد استطاعوا أن يسخروا جميع الأقطار التي لهم نفوذ فيها مثل ما شرحت سابقا كبريطانيا وغرب أوربا وأمريكا وروسيا وغيرها لما يريدون أن يحققوا من مصالحهم في العالم، ونحن الآن أمام هذا الواقع المرير الذي تعاني منه أمتنا الإسلامية عامة وأهلينا في فلسطين بصورة خاصة، ذلك لأن كل جالية يهودية في أي دولة هي عبارة عن جمعية سرية تعمل لمصلحة اليهود ولو أدى ذلك إلى ضرر الشعب الذي يعيشون معه. وبهذا يتضح لنا أن سبب الظلم المنتشر في العالم وعلى الأخص على عالمنا الإسلامي سببه اليهود الذين تسلطوا على معظم حكومات العالم الغربي وزرعوا في مقدساتنا دويلة أطلقوا عليها إسرائيل، وهم لم يكتفوا بالأراضي التي احتلوها في عام 1948 وفي عام 1967 بل يريدوا أن يكونوا إسرائيل العظمى من النيل إلى الفرات ويطردوا شعوب هذه المنطقة إلى خارجها ويستولوا على ثرواتنا وهم يعملون جاهدين على تفتيت دولنا وجعلها دولا متناحرة فيما بينها كي يسهل لإسرائيل ابتلاع دولة تلو أخرى. وإزاء هذا الظلم المتفشي على دولنا الإسلامية فإن الله عاقبهم بأن قتر أرزاقهم وأخذت بنوكهم البنك تلو الآخر بقفل أبوابه، ولا يمكن لحل هذه الأزمة الاقتصادية العالمية إلا بالوقوف ضد هذا الظلم الجائر علينا، فالساكت على الظلم فإنه شيطان أخرس، وديننا الحنيف يستوجب علينا أن نقف أمام الظلم مهما كان الظالم ذا قوة وسلطان وجبروت وإلا سوف تتأثر اقتصادياتنا تأثرا بالغا، فها هي البطالة في الولاياتالمتحدة ودول غرب أوربا بلغ العاطلون فيها أكثر من عشرين مليون فرد، وأسعار البترول تتهاوى حتى وصلت في حدود 50 دولارا. فإذا لم نتحد كدول إسلامية قادة وشعوبا ضد مخططات الصهاينة فإن اقتصاد العالم سوف يتدهور أكثر فأكثر، فهم إن لم يستطيعوا تحقيق مآربهم في الوقت الحاضر فإنهم لايزالون يبذلون قصارى جهدهم في سبيل تنفيذ مآربهم. لذا يجب علينا أن نتحد كعالم إسلامي ونوقع اتفاقية دفاع مشترك مع جميع الدول الإسلامية، وإن أي اعتداء على أي دولة إسلامية يكون اعتداء على جميع الدول الإسلامية، وأن نضع خططا نكشف فيها مؤامرات الصهاينة على العالم وكيف أنهم لايراعون مصلحة البلد التي يعيشون فيها كما تهمهم مصلحة إسرائيل. إذ نجد أن الصهاينة في الولاياتالمتحدةالأمريكية قضوا على اقتصادها وأدخلوها في حروب في العراق وأفغانستان من أجل مصلحة إسرائيل لا من أجل مصلحة أمريكا، وسخروا جميع إمكاناتهم من صحافة وإذاعة وتلفاز ودور نشر في تضليل الرأي العام الأمريكي حتى بات عدد كبير منهم بلا مأوى ولا مسكن ولا عمل، ولم يعلموا أن سبب معاناتهم هو ظلم الصهاينة لدول العالم الثالث. ونحن كمسلمين وللأسف الشديد لدينا ثروات وإمكانات هائلة لم نسخرها في خدمة قضايانا وعلى الأخص قضية فلسطين، فها هي القنوات الفضائية العربية تعد بالعشرات وأغلبها تنشر الفساد والميوعة بين الشباب، فبدلا من أي نؤسس قنوات فضائية باللغات الأجنبية كالانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والاسبانية والصينية ولغات شرق آسيا ومعظم لغات العالم الغربي والشرقي لنشرح من خلالها قضايانا ونظهر للعالم ظلم اليهود وجبروتهم وكرههم للمسيحيين والمسلمين. ولحل هذه الأزمة يجب علينا نحن المسلمين أن نطبق شرع الله وأن نرجع إلى ديننا الحنيف، فالاقتصاد الإسلامي هو خير وسيلة للخروج من هذه الأزمة، حيث اعترف بعض الغربيين بعظمة هذا التشريع، إذ وجدوا فيه القدرة على حل المشكلات التي تعترض عالمنا اليوم، حيث يمكن بموجبه القضاء على المتناقضات القائمة في النظم الاقتصادية المعاصرة، إذ نجد أن الباحث الفرنسي جاك اوستري في كتابه الإسلام أمام التطور الاقتصادي الذي صدر بالفرنسية عام 1961 يقول: (ليس هناك في الحقيقة طريقة وحيدة وضرورية لابد منها للانتماء الاقتصادي كما نريد أن تقنعنا به المذاهب القصيرة النظر في النظامين الاقتصاديين المعاصرين حيث ألح على ضرورة التماس المذهب الثالث ألا وهو الإسلام لأنه ليس فرديا ولا جماعيا، أي وسطا بين الاثنين، أي اشتمل على أحسن ما في الإثنين) ودعا إلى ضرورة العودة إلى الإسلام وإلى دراسة قواه الكامنة فيه، ثم قال بأن (الإسلام يتمتع بإمكانيات عظيمة وأنه يستطيع أن يتغلب على جميع الصعوبات الاقتصادية التي يقف الاقتصاد الحديث عاجزا عن معالجتها). ولقد حذر هذا العالم الفرنسي المسلمين بقوله: (إذا لم يأخذوا بالنظام الإسلامي فسوف يجبرون على قبول تغيرات غير سليمة في أنظمتهم الأساسية وذلك نتيجة لإتباع منهج من الاقتصاد مفروض عليهم، وفي هذه الحالة يقضي على الإسلام كمنهج حضاري مستقل). حيث إن الاقتصاد الرأسمالي يتميز ب: - حرية التملك والتعاقد والإنشاء. - وضع المصلحة الفردية في المقام الأول. - الاعتماد على الحافز الفردي في تحقيق إشباع أكبر قدر ممكن للمستهلك وأقصى ربح ممكن في جميع الأسواق. - المنافسة الحرة في جميع الأسواق. - التدخل الحكومي في أدنى حدوده ويكون بالقدر الذي يخدم الدعائم سالفة الذكر. وبهذا نجد أن وظائف تحديد الإنتاج وتنظيم عناصره والتوسع في الطاقة الإنتاجية في النظام الرأسمالي تخضع لنظام آلية السوق والقوانين الاقتصادية المرتبطة به على أن يتم ذلك دون تدخل من الدولة، ذلك لأن النظرية الرأسمالية لتنظيم السوق في اعتقادها أنها تنظيم السوق للنشاط الاقتصادي يمنع تسلط فرد على أفراد وتدخله في نشاطه ويعللون ذلك أنه نظرا لوجود منتجين آخرين فإنهم يتولون بدون رقابة المنتج من تسلط المستهلك لوجود مستهلكين آخرين، وكذا الحال بالنسبة للعمل فإنه يحمي المستهلك العامل من تسلط صاحب العمل لوجود أصحاب عمل آخرين وهو يقوم بهذه الوظيفة دون تدخل من السلطة السياسية، وبهذا فإن نظام السوق يعطي الناس مايريدون دون الحاجة إلى السلطة الحاكمة، ومن ثم فإن نظام السوق فيصل بين القوة الاقتصادية والقوى الممثلة في الدولة وسيلة لتحقيق الحرية الاقتصادية، وبهذا فإنه يمنع تمركز السلطة وتسلطها حيث جعل القوة الاقتصادية في نظرهم ضابط للقوة السياسية وليس أداة لها. وسوف أبين نظرية الاقتصاد الإسلامي في الحلقة القادمة. فاكس 8266752 (04)