سبق أن تطرقت إلى هذا النوع من الومضات الصحفية التي عشناها في حقبة صحفية مرت وذهبت مع الريح واصبحت من الذكريات التي هي صدى السنين والأيام الماضية، لقد اجتمعت مجموعة من الصحفيين الباحثين عن المادة الصحفية المنوعة وهي عبارة عن مقطعات من الأشعار والآهات الشاردة في دنيا الهيام والحب الذي كان يملأ جوانحهم جميعا.. كنا مجموعة متجانسة في عملنا الصحفي ذاك، نستنشق البساطة والألفة فيما بيننا، كانت تضمنا مطابع الرياض بالمرقب بكل بدائيتها المتواضعة في دنيا الطباعة ولكنها عندنا شيء عظيم نعيش بين عبق أحبارها وحروفها المجمعة من الرصاص. كانت مجلتنا اليمامة تقدم مادة جادة شبه متجهمة لابسمة على محياها، وعلى هامش الاجتماع الأسبوعي اقترح أحد الاخوان أن نطري صفحاتنا بشيء من البسمات والرومانسية والشعر الندي الخفيف الذي ينعش القلب والنفس ويخفف جفاف بيئة الرياض الصحراوية. وأخذنا الموضوع بكل جدية واتفقنا على أن يتولى الإشراف على تلك الصفحة المقترحة الاستاذ القدير الشاعر ناصر بن جريد ووعد خيرا، إلا أن عنوان الصفحات بقي معلقاً، وتواعدنا على الاجتهاد في البحث عن العنوان المناسب. ذهب كل منا في طريقه ونامت الفكرة وذهبت إلى جدة وبالقرب من فندق بهاء الدين لمحت الاستاذ الجريد فبادرني أين عنوان الصفحة ؟ فقلت له : أين مادة الصحفة ؟ هل جهزت؟ قال نعم فقلت على الفور : ما رأيك في "سفينة حنان تجمعنا" فصفق الرجل وقال وجدتها بالفعل هذا عنوان رائع وكانت صفحة وكنت قد عدت من لبنان بعد دورة صحفية وقد صدرت في تلك الفترة رواية بهذا العنوان أو شيء منه واستمرت صفحة الاستاذ الجريد ثم جاء الأخ عبدالله عبد الرحمن السليمان رد الله غربته واقترح تغيير الاسم من باب التجديد الى صفحة "كل شيء" ثم جاءت الصفحة السابقة في "عكاظ" التي غابت عن دنيا الصحافة وهي تشبه جريدة لسان الحال اللبنانية المحتجبة التي تختار معظم مادتها من الصحافة العربية وتلك قدرة صفحية مميزة.. كنا نستمتع بها ولكن الزمن اليوم غير الزمن الماضي، القادم للصحافة ربما يكون مختلفاً عن ما كان وما نحن فيه اليوم!