لا يمكن تصور أي نوع من الحياة البشرية أو الكائنات الحية الأخرى بما في ذلك الحيوانات والنباتات بدون وجود ماء . وإذا رجعنا إلى الحضارات البشرية فإن معظمها قامت على مصادر المياه ، وحيث تنعدم المياه تزول الحضارات ويرحل البشر من الأماكن الجافة لأن المياه مهمة للإنسان في الحياة اليومية سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة في الزراعة والصناعة ، وتشير الدراسات إلى أن كمية المياه على سطح الأرض تقدر بحوالي 1500 مليون كيلو متر مكعب ، منها 1425 كيلو متراً مكعباً مياه مالحة ،وتقدر كمية المياه العذبة بنحو 75 مليون كيلو متر مكعب معظم هذه الكمية على شكل ثلوج ومياه سائلة ، ويعتبر الحصول على كميات كافية من المياه العذبة احد المشاكل الرئيسة التي تعترض عملية التنمية في منطقة الشرق الأوسط ، والوطن العربي بشكل عام .. كما أن الوصول إلى مصادر الثروة المائية ستصبح المسألة الأكثر إثاره للخلاف السياسي والنزاع العسكري خلال العقود القادمة ، ومعظم الدول العربية تتلقى كمية من مياه الأمطار لاتزيد على 200 ملم سنوياً ، وهنالك بعض المناطق في أعماق الصحراء لاتزيد كمية الأمطار فيها على 1020 ملم وقد لا تهطل الأمطار لعدة سنوات ، وهنالك بعض العوامل التي حكمت على وطننا العربي بقلة الأمطار منها . 1- موقع الوطن العربي : حيث يقع الوطن العربي في منطقة انتقالية بين نطاقين غنيين بالأمطار هما نطاق الضغوط المنخفضة الشمالية ، ونطاق الضغوط المنخفضة الاستوائية ، وكلما ابتعدنا عن هذين النطاقين تناقضت كمية الأمطار السنوية . 2- الاتساع : كما ساعد اتساع الوطن العربي على ظهور كتل هوائية حارة وجافة أثرت بشدة على كمية هطول الأمطار ، وذلك بتغلغل الكتل الهوائية الرطبة الباردة القادمة من الشمال في فصل الشتاء زيادة على أن خصوبة الأرض في الصيف تقلل من فعالية مراكز الضغوط العالية مثل مركز ضغط ازور الأطلسي وتحولها إلى منخفضات جوية تعرقل جدوى التكثف وهطول الأمطار . 3- مسار المنخفضات الجوية: ينحرف طريق المنخفضات الجوية في اغلب الأحيان مبتعداً عن الوطن العربي كأن يتجه من اليونان إلى تركيا ، منحرفا شمالا عن المناطق العربية ثم يستمر حتى قلب آسيا حارما إياها من الأمطار التي يحملها . 4- عامل الارتفاع أو التضاريس الجبلية : معظم الجبال الواقعة في الوطن العربي جبال ساحلية .. كما في بلاد الشام والمغرب العربي ويقع بعضها في طريق الجبهات الجوية كجبال العراق ولهذه الجبال تأثير مزدوج الأول إيجابي يتمثل في زيادة كمية هطول الأمطار والثلوج ، والثاني وهو الأعم سلبي ذلك أن وجود جبال في مواجهة الكتل البحرية الهوائية يؤدي إلى صدها عن المناطق الداخلية شبه الجافة والصحراوية ، وبذلك تكمن مشكلة المياه في عدم توزيعها توزيعاً عادلاً بين مناطق العالم . ففي الوقت الذي تعاني فيه بعض دول العالم من فائض كبير من المياه تعاني دول أخرى من شح المياه الخاصة بالشرب وعلى سبيل المثال تقدر حصة المواطن في أيسلندا من المياه بنحو 654 ألف متر مكعب سنوياً بينما لاتتجاوز حصة المواطن في مصر من المياه 1000 متر مكعب سنوياً ويظهر الفرق واضحا . ويخضع توزيع المياه لعوامل تتعلق بالتضاريس حيث تتوفر لبعض الدول أنهار وبحيرات . وبالمناخ حيث تختلف كميات سقوط الأمطار من مكان إلى آخر إذا كانت ندرة المياه هي المشكلة الرئيسة التي تواجه عديد دول العالم ، خاصة الدول العربية ، فما هي المخاطر الأخرى التي تزيد من مشكلة المياه ؟ 1- إن الموارد المائية المتاحة يصعب زيادتها أو تطويرها وإن تم ذلك فإنه يصعب السيطرة على زيادة عدد السكان ما يعني زيادة الحاجة للمياه . 2- هنالك خطر آخر يتهدد الإنسان تتعرض له الموارد المائية وهو خطر تلوث هذا المصدر الحيوي .. فدخول الصناعات يؤدي إلى أضرار جانبية بالبيئة « الهواء - الأرض - الماء » ونظرا لضعف التقنيات والحاجة لحماية البيئة خاصة في الدول النامية فإن المياه عرضة للتلوث في جميع مصادرها . 3- ضياع كميات كبيرة من المياه بسبب التبخر 4- الهدر وسوء الاستخدام وينتج ذلك عن استخدام تقنيات عالية في التعامل مع مصادر المياه أو نتيجة غياب الوعي لذا المواطن . 5- انعدام وجود تعاون بين الدول المتجاورة في استخدام المصادر المائية ، ورغم المخاطر التي تهدد مصادر المياه الداخلية ، وبالإمكان التحكم فيها نسبياً ، تعتبر أقل خطورة من المخاطر الخارجية التي تهدد مصادر المياه في الوطن العربي خاصة من الجانب الصهيوني بعد أن استطاع هذا الكيان الصهيوين أن يستولى على فلسطين ويقيمعليها كيانه العنصري الاستيطاني ، في عام . وقد 1948 عمل خلال السنوات اللاحقة على التوسع والاستيلاء على مزيد الأراضي العربية ومصادر المياه ، ومن قبل قيام الكيان الصهيوني كان المخططون الصهاينة يرسمون خريطة لإسرائيل التي تضم ابرز مصادر المياه ما يسمونه ( ما بين نهر النيل في مصر ونهر الفرات في العراق ». إن الحرب التي شنها الكيان الصهيوني سنة 1967 مسيحي كانت من أجل الأرض والمياه ، وفي سنة 1974 مسيحي اعد مشروعاً لنقل مياه النيل من مصر إلى فلسطينالمحتلة ، وهو المشروع الذي قوبل بالرفض من مصر ودول المنبع أثيوبيا . كما استطاع الكيان الصهيوني بعد حرب 1967 الاستيلاء على معظم مصادر المياه الواقع في الشمال وخاصة نهر الأردن وروافده التي استولى على نحو 75 % منها. يشارإلى تركيا في هذا السياق التي تستحوذ على معظم مياه نهر الفرات الذي تعتمد عليه سوريا والعراق ، وتركا تتحكم في مياهه وتقيم عليه السدود إذاً هنالك خطر حقيقي على مستقبل الأجيال القادمة وعلى وجود العرب فلا حياة بدون ماء . الزحف الأخضر