التقدم الذي نعيشه في عصرنا الحاضر ، والتطور في وسائل الاتصالات المتوالية حول العالم إلى قرية كونية ترتبط بشبكة إعلامية واحدة شاملة مما أدى إلى ازدهار البشرية ورفاهيتها ، وأصبحت هذه المعطيات سلاحاً ذا حدين ، فالدول الصناعية الكبرى أنتجت تلك الوسائل وسعت في تصديرها إلينا لنتمتع بها ، ونصبح لها مستهلكين دون أن نأخذ الاستعداد الكافي والمناسب لهذا الغزو التكنولوجي الحديث ، وتعتبر الشاشة الفضية من أكثر وسائل الاتصال الحديثة تأثيراً في المجتمع لا سيما بعد انتشار القنوات الفضائية التي استقطبت شرائح واسعة من الناس متنوعة المستويات والأعمار ، وأصبح تنافسها الشديد يتجه على اجتذاب الأطفال بحكم أنهم الفئة الأكثر مشاهدة للتلفزيون ، ففي السابق قبل ظهور القنوات الفضائية كان بالإمكان السيطرة على الآثار السلبية التي كانت تنجم عن مشاهدة الأطفال للتلفزيون المحلي والحد منها ، فقد كانت برامجها محدودة متلائمة مع البيئة وطبيعة المجتمع وتقاليده الحضارية وثقافته الوطنية ، وتهدف إلى تربية الطفل وتنمية مداركه وتطوير مهاراته وتصويب سلوكه وربطه بمجتمعه ، وتوعيته وإرشاده ، والغرس في داخله القيم والأفكار التي تنسجم مع مرحلة التغيير التي يمرّ بها المجتمع ، وقد أدت مهامها في تحقيق تلك الأهداف إلى حدّ كبير ، ولكن في عصر الفضائيات أصبح الأمر صعباً لكون تلك الفضائيات أنشئت من أجل الاستثمار من خلال الإعلانات المبتذلة ، وترويج الدعايات الرخيصة ، والتنافس لكسب المشاهدين عن طريق البرامج البرّاقة في الشكل الخبيثة في الهدف ، أو عن طريق المشاهد المثيرة ، وأفلام العنف والجريمة مما زاد من خطورتها على الجيل الناشئ ، وقد استطاع أصحاب هذا الغزو التدخل بطريقة غير مباشرة في تكوين شخصية الأطفال وتحديد سبل تفكيرهم وأنماط سلوكهم ومستوى ثقافتهم وقدراتهم العقلية ومهاراتهم الفردية وتنمية النفور من الانتماء إلى الهوية من خلال بث برامج هابطة تتعارض مع ثقافة مجتمعنا الإسلامي ، ولا تتلاءم مع توجهاته الأخلاقية والفكرية والحضارية ، فأصبح الطفل مضطرب مغترب في وسط منزله نتيجة الثقافات المختلفة التي أكتسبها من مشاهدة تلك الأفلام التي لا تساعد على نمو البذرة في أرضها الصالحة ، ولنصلح ما يمكن إصلاحه فإنه لا بد من أن تقوم الأسرة بدورها في الرقابة والإشراف المباشر على ما يشاهده الأطفال وتشجيعهم على مشاهدة البرامج الهادفة ذات المحتوى الإيجابي التي تتناسب مع سلوكيات مجتمعنا الإسلامي ، كما أن للمدرسة دوراً بالتوجيه الإرشادي لمشاهدة البرامج ذات الصلة بواقع حياتنا . همسة : العلم في الصِّغَرِ كالنقش على الحجر . ومن أصدق من الله قيلاً { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} . ناسوخ / 0500500313