لعلكم تتفقون معي أن هناك مواقف بعينها تستفز الأقلام لتحكيها على الصفحات كما أن هناك أشخاصا تدعوهم الأوراق كي يكونوا ضيوفا دائمين على سطورها. هذه الحقيقة استشعرها كلما مر على خاطري اسم هذا الطبيب السعودي الذي اختزل رحلة حياته فى كلمة "نجاح" وقدم أعمالا ضمنت له الريادة ليس في مجال الطب فحسب بل إن جاز التعبير فى مجال الانسانية أيضا. وبعيدا عن المحافل الدولية التى حفظت للدكتور الربيعة مكانته العلمية وغرف الجراحات المعقمة صاحبة الشهادة الصادقة على عشق العطاء وحب العمل. تبقى لنا نحن أبناء الوطن شهادة من نوع خاص فى حق هذا الرجل. شهادة ندونها ونتمنى أن يقرأها العالم فما أجمل أن نعترف جميعا بأن مزمار الحي بات يطربنا على غير العادة. نعترف بأن من بين كوادرنا العلاجية السعودية علامات يحسدنا عليها العالم ويتمنى لو كان فيهم المثيل والشبيه. ولعلكم تتساءلون لماذا أكتب المقال اليوم ولماذا لا أتعرض للوزارة التى تشرفت بهذا الطبيب الناجح والآمال التى ينتظرها الكثيرون منه ومن وزارته ؟ والجواب تلخصه جلسة أكاديمية جمعتني مع أساتذة زائرين تحدثوا فيها عن الأطباء بشكل عام وباتوا يذكرون أسماء ناجحة من هنا وهناك ومواقف فارقة لأطباء أجانب ويمتدحون تفوق هذا وتميز ذاك. ومع وثائق الإعجاب التى قدموها لهذه الكوادر الآتية من بلدان عربية وأجنبية توقف الجميع أمام اسم " الربيعة " وبدأوا فى سرد نجاحاته ربما لساعات طويلة واصفينه " بالطبيب الأشهر " وعلى الرغم من رغبتي الملحة فى مقاسمة هؤلاء الحديث إلا انني آثرت الصمت لأسمع أكثر وأفخر أكثر واتباهى بأبن وطني الذي اصبح حرفا على لسان الجميع. ودون التوقف مني أمام العبارات التي نظمها الأساتذة الزائرون فى حق د. الربيعة اسمحوا لي أن أشير الى نقطة واحدة لم يختلف عليها اثنان تتمثل فى اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد لله بن عبد العزيز له وزيرا للصحة مؤكدين ان الاختيار جاء بميزان يساوي فى حساسيته ميزان الذهب. فالربيعة صعد بأعماله المشهودة درجات السلم واستحق بإخلاصه وتفانيه واجتهاده ثقة القيادة التي أوكلت له المهمة وهى على قناعة بإنه سيؤديها على أكمل وجه. مع كلمات الوفد الزائر شعرت حقا بطرب المزمار السعودي في المسامع وتأكد لي أن العمل المخلص يمنح صاحبه لقب "سفير" نعم سفير حتى ولو لم يبرح أرض وطنه وبلاده وكم تمنيت لحظتها أن نتحدث نحن عن رموزنا الناجحة كما تحدث عنها الغير وأن نتباهى بها كما تباهى بها البعيدون. هنيئا لوزارة الصحة بالوزير الناجح والطبيب المخلص وهنيئا لنا برجل اختزل رحلة حياته كلها فى مفردة " العمل " وشكرا لخادم الحرمين الذى نظر نظرة بعيدة ومنح منصب وزارة الصحة للقادرين على مداواة أوجاعه.