تابعت باهتمام ما نُشر في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 17 ربيع الأول لعام 1430ه وبالتحديد في الصفحة السابعة ما صرّح به سمو وزير التربية والتعليم الأمير/ فيصل بن عبدالله خلال رعايته انطلاقة برنامج حماية البيئة ما نصه: (غرس الاهتمام بالبيئة في نفوس الناشئة). وكتربويين نرى أن البيئة هي العامل الوحيد المُشارك مع الوراثة في تشكل سلوك الطفل وإذا أخرجنا عامل الوراثة عن البيئة.. استطعنا أن نؤكد على أهمية دورها في استثارة الحوافز والدوافع لدى الطفل أو الإنسان عموماً. فكلما كانت البيئة غنية بمؤثراتها وطبيعتها ومُكوناتها أثرّت في الطفل تأثيراً مباشراً إيجابياً ولذلك نجد أن رياض الأطفال تُهيئ لأبنائها إمكانياتٍ كبيرة وألعابٍ مختلفة ذات ألوانٍ وأنواعٍ تُجذب الانتباه وتُثير الرغبات لدى الطفل على اكتساب الخبرات الحيّة في لمسها وتحريكها، فالتعلم عن طريق الألعاب تُتيح للطفل التعلُّم عن طريق المحاولة والخطأ واكتشاف الاستجابات الصحيحة من الخاطئة.. ولذا عُنيت الدول المتقدمة بتحسين البيئة وجعلها أكثر إثارةً للتعلُّم وقابلية على جذب انتباه المتعلمين. ومن شأن البيئة أن تعمل على تحسين مستوى ذكاء الطفل سواءً بمكوناتها أو عن طريق الاختلاط بالطُلاب الأكثرُ مهارة وذكاءً. فدائماً ما ننصح الطلاب محدودي القدرات أو مستوى الذكاء أو بطيئي التعلُّم بالاندماج مع طلاب أكثر منهم ذكاءً وقدرة وطموحاً حتى يكتسبوا منهم سلوكاً وتصرفاً أكثر مهارة وإتقانا عن مستوى قُدراتهم. فالبيئة لا شك تعمل بمحسناتها على استغلال الذكاء الفطري الموجود لدى الطفل والمحدود وتحسين مستوى القدرات والمهارات وبالتالي التفكير، فهي لا تهبُ الذكاء ولكنها تعمل على تحسين الذكاء المحدود. فمن هذا المنطلق نطالب سمو وزير التربية والتعليم بتحسين مستوى المدارس بمثيراتها والانفتاح على البيئة بالقيام بالرحلات والزيارات الميدانية لمؤسسات المجتمع مثل حديقة الحيوانات أو مؤسسة الملك عبدالله للإبداع. أو المراكز المتخصصة للفضاء أو الاتصالات التقنية والتكنولوجية. أو مدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. أو مراكز الأبحاث بالجامعات. وللأسف الشديد إن مناهجنا وأنشطتنا اللاصفية تكادُ تكون نادرة أو معدومة من الانفتاح على البيئة. ونحن ننشُد من وزارة التربية والتعليم أن يتضمن المنهج الحديث الانفتاح على البيئة بالرحلات والزيارات والأنشطة اللاصفية والخروج عن مبنى المدرسة وتنويع الأنشطة واكتساب خبرات ميدانية حيّة مؤثرة في خبرات الطلاب أو استدعاء بعضاً من الرجال المتخصصين في المؤسسات العلمية والأكاديمية والصناعية لإلقاء بعض المحاضرات على الطلبة، وهذا بالطبع لا وجود له ضمن المنهج الدراسي الحالي. كما نُؤكد لسمو وزير التربية والتعليم بضرورة اصطحاب الطلاب للمختبرات العلمية والاهتمام بمعامل اللغات فكثيرٌ من الطلاب يحفظون التجارب عن ظهر غيب كما جاءت في المقرر المنهجي، وحسب طريقها وأسلوبها حتى أنهم يكتبون العبارات المنهجية كما هو موضح بالشكل (16) مثلاً. فضلاً عن أن بعض المعلمين هداهم الله والمعلمات يتهربن من اصطحاب طلابهم للمعامل والمختبرات لعدم أهليتهم للقيام بإجراء التجارب العلمية؟!. لذلك تظل بعض أجزء المختبرات جديدة لا تُمس في صناديقها ولم تُستغل ولم تستعمل من قبل المعلمين، فنوصي برفع كفاءة المعلم وتضمين المنهج الأنشطة اللاصفية. أخرجوا أبناءنا من كآبة المكان. وملل المناهج وظلمة الحفظ وروتين الكسل. أخرجوهم من النظري إلى التطبيقي إلى عالم الخيال الواسع إلى المُحاكاة. إلى استخدام التفكير المُبدع. إلى البيئة الخلاَّقة. فنحن لا نريد لأبنائنا أن يكونوا نمطاً واحداً بوجه عملة واحدة وهي المناهج وإن اختلفت فروقهم الفردية. ندعو لتعددية الاتجاهات الفكرية والإبداعية واستجابة الرغبات والانفتاح على البيئة والمجتمع فمثلاً: العادات والمهارات الحركية التي يكتسبها الإنسان بالمِران والمزاولة هي بالطبع أعصى على النسيان من الوقائع والمعلومات. فنحن ننسى كمَّاً هائلاً من المعلومات التي حصلنا عليها في المدرسة لكننا نحتفظ بكثيرٍ من المهارات العقلية التي اكتسبناها فيها. مثل طرق الاستذكار والطرق الصحيحة لحل المشكلات العلمية الرياضية. فالتعرف أسهل من الحفظ وأقدرُ على توصيل المعلومة واستحضارها، ويفيد الطالب لُغوياً في التعبير عن نفسه والمشاركة بعواطفه وانفعالاته. فلا بد من ربط الخلفية التي تعلمها الطالب في المدرسة بالبيئة حتى يبرز ما بينهما من عناصر مشتركة ومتشابهة تُحفز الطالب على تطبيق ما تعلَّمه.. وإلاّ ما جدوى المال والجُهد الذي ننفقه على المدارس إن لم ينتقل أثر التعلم إلى حياة التلميذ العامة خارج أسوار المدرسة أو الجامعة.